للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو القاسم القُشَيريّ (١) [صاحب "الرسالة"] عبد الكريم بن هَوازِن بن عبد الملك (٢) بن طلحة.

وأمّه من بني سليم، توفي أبوه، وهو طفل، فقرأ الأدب والعربيّة، وصحب الشيخ أبا علي الدّقاق، وأخذ الفقه عن أبي بكر بن محمد الطُّوسي، والكلام عن أبي بكر بن فُورَك، وصنّف الكثير، فله: "التفسير الكبير"، و"الرسالة" التي ترجم فيها جماعة من المشايخ والصالحين، وحجّ صحبة إمام الحرمين وأبي بكر البَيْهَقي الحافظ، وكان يعظ الناس، وتوفي بنيسابور في هذه السنة عن سبعين سنة، ودفن إلى جانب شيخه أبي علي الدّقاق، ولم يدخل أحد من أهل بيته بيت كتبه، إلا بعد سنين احتراما له، وكانت له فرس يركبها، وقد أهديت إليه، فلمّا توفي لم تأكل علفًا حتى نفقت بعده بيسير، فماتت، ذكره ابن الجوزي.

وقد أثنى عليه القاضي ابن خلكان في "الوفيات" [ثناءً] كثيرًا، وذكر شيئًا من شعره الرّائق، فمن ذلك قوله:

سَقَى اللَّهُ وقتًا كنتُ أخلُو بِوَجْهِكُمْ … وثَغْرُ الهوى في رَوضَةِ الأنْسِ ضاحِكُ

أقمنَا (٣) زَمانًا والعيونُ قريرةٌ … وأصْبَحْتُ يومًا والجُفُونُ سَوافِكُ

وقوله أيضًا، رحمه اللَّه تعالى:

لو كنتَ ساعةَ بيننا ما بينَنا … وشهدتَ حينَ فِراقنا (٤) التوديعا

أيقنتَ أنَّ من الدموع محدِّثًا … وعلمتَ أنَّ من الحديثِ دُمُوعا

ومن ذلك قوله أيضًا:

ومنْ كانَ في طولِ الهوى ذاقَ سَلْوةً … فإنّيَ من ليلى بها (٥) غير ذائقِ

وأكبرُ (٦) شيءٍ نلتُه من وِصالِها … أمانيَ لم تصدق كخطفةِ بارِقِ


(١) تاريخ بغداد (١١/ ٨٣)، الأنساب (١٠/ ١٥٦)، المنتظم (٨/ ٢٨٠)، الكامل في التاريخ (١٠/ ٨٨)، وفيات الأعيان (٣/ ٢٠٥)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٢٢٧)، النجوم الزاهرة (٥/ ٩١)، طبقات السبكي (٥/ ١٥٣)، طبقات المفسرين للداوودي (١/ ٣٣٨)، شذرات الذهب (٣/ ٣١٩).
والقشيري، بضم القاف وفتح الشين وسكون الياء وفي آخرها راء، هذه النسجة إلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، قبيلة كبيرة.
(٢) في بعض النسخ: "عبد المطلب" وهو خطأ بيّن.
(٣) في الوفيات والسير: أقمت.
(٤) في بعض النسخ: تكرر.
(٥) في (ط): لها.
(٦) في (ط): وأكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>