للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن أمير المؤمنين المقتدي بأمر الله (١) عَرَض له جدري فمات وله تسع سنين، فحزن والده والناس، [وجلسوا للعزاء فأرسل إليهم] يقول: إنّ لنا في رسول الله أسوة حسنة حين توفي ابنه إبراهيم. وقال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦] ثم [عزم] على الناس فانصرفوا إلى منازلهم.

محمد بن محمد بن زيد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (٢)، أبو الحسن الحسيني، الملقب بالمرتضى ذي الشرفين.

ولد سنة خمس وأربعمئة ببغداد ونشأ بها، وسمع الحديث الكثير، وقرأ بنفسه على الشيوخ، وصحب الحافظ أبا بكر الخطيب، فصارت له معرفة جيدة بالحديث، وسمع عليه الخطيب شيئًا من مرويّاته، ثمّ انتقل إلى سمرقند، وأملى الحديث بأصبهان [وغيرها]، وكان يرجع إلى عقلٍ كاملٍ، وفضل ومروءةٍ، وكانت له أموالٌ جزيلةٌ، وأملاك متَّسعةٌ، ونعمةٌ وافرةٌ. يقال: إنَّه ملك أربعين قرية، وكان كثير الصدقات [والبرّ والصلة] للعلماء والفقراء، وبلغت زكاة ماله الصامت عشرة آلاف دينار غير زكاة العشور، وكان له بستان ليس لملك مثله، فطلبه منه ملك ما وراء النهر واسمه الخضر بن إبراهيم، عارية ليتنزّه فيه، فأبى عليه وقال: أعيره إيّاه ليشرب فيه الخمر بعدما كان مأوى أهل العلم والدين والحديث، فأعرض عنه [السلطان] وحقد عليه، ثمّ استدعاه إليه ليستشيره في بعض الأمور على العادة، فلما حصل عنده، قبض عليه، وسجنه في قلعته، واستحوذ على جميع أملاكه وأمواله وحواصله، فكان يقول: ما تحققت صحّة نسبي إلا بهذه المصادرة، فإني رُبِّيتُ في النَّعيم، فكنت أقول: إن مثلي لا بُدَّ أن يُبتلى. ثم منعوه الطعام والشراب حتى مات في القلعة، فأخرجوه فدفنوه هناك، فقبره يزار، أكرم الله مثواه.

محمد بن هلال بن المُحَسِّن (٣) بن إبراهيم (٤) أبو الحسن الصابئ، الملقب بغَرْسِ النعمة.

سمع أباه وأبا علي بن شاذان، وكانت له صدقة [كثيرة] ومعروف، وقد ذيّل على تاريخ أبيه الذي ذيّله على تاريخ ثابت بن سنان الذي ذيّله على تاريخ ابن جرير الطبري. وقد أنشأ دارًا ببغداد، وقف فيها أربعة آلاف مجلّد في فنون من العلم، وترك حين مات سبعين ألف دينار، ودفن بمشهد علي ورحمه.


(١) المنتظم (٩/ ٤٠).
(٢) المنتظم (٩/ ٤٠)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٥٢٠)، الوافي بالوفيات (١/ ١٤٣)، شذرات الذهب (٣/ ٣٦٥).
(٣) في (ط): "الحسن"، وهو تحريف جد ظاهر، فهم معروفون مشهورون (بشار).
(٤) المنتظم (٩/ ٤٢)، الكامل في التاريخ (١٠/ ١٦٣)، وفيات الأعيان (٢/ ١٦٧)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٤٨١)، شذرات الذهب (٣/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>