للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأمور، وكان دقاق بن تتش مع أبيه حين قتل، فسار إلى دمشق فتسلمها من الأمير ساوتكين (١) الذي استنابه أبوه، واستوزر أبا القاسم الخوارزمي، وملك عبد الله بن تتش مدينة حلب، ودبّر أمر مملكته جناح الدولة الحسين بن إيتكين، ورضوان بن تتش صاحب مدينة حماة، وإليه تنسب بنو رضوان بها.

[وفي يوم الجمعة التاسع عشر] من ربيع الأول خطب لولي العهد أبي منصور الفضل بن المستظهر، ولقّب بذخيرة الدين.

وفي ربيع الآخر خرج الوزير عميد المُلك بن جَهير، فاختطّ سورًا على الحريم، وأذن للعوام في العمل والتفرّج، فأظهروا منكرات كثيرة، وسخافات عقول ضعيفة، وعملوا أشياء منكرة سخيفة، وبعث إليه ابن عقيل رقعة فيها كلام غليظ، وإنكار بغيض (٢).

[وفي رمضان خرج السلطان بَرْكياروق فعدا عليه فداويّ (٣)، فلم يتمكن منه، فمسك فعوقب فأقرّ على آخرين، فلم يقرّا، فقتل الثلاثة، وجاء الطواشي من جهة الخليفة مُهنئًا له بالسلامة] (٤).

وفي ذي القعدة خرج أبو حامد الغزالي [من بغداد] متوجهًا إلى بيت المقدس تاركًا التدريس في النظاميّة، زاهدًا [في الدنيا]، لابسًا خشن الثياب [بعد ناعمها]، وناب عنه أخوه في التدريس، وعاد في السنة الثانية إلى الحج، ثمّ رجع إلى بلده، وقد صنف كتاب "الإحياء" في هذه المدة، وكان يجتمع إليه الخلق الكثير كلّ يوم في الرباط فيسمعونه.

وفي يوم عرفة خُلع على الفاضي أبي الفرج عبد الوهاب بن هبة الله السِّيبي (٥) ولقّب بشرف القضاة، وردّ إلى ولاية القضاء بالحريم وغيره.

وفي هذه السنة اصطلح أهل الكرخ (٦) مع بقيّة المحال، وتزاوروا [وتواصلوا] وتواكلوا، وتشاربوا، وكان هذا من العجائب.


(١) في (ب): سارتكين، وماهنا من (ط) والكامل (١٠/ ٢٤٨)، وتاريخ الإسلام (١٠/ ٤٨٣).
(٢) نقل ابن الجوزي في المنتظم (٩/ ٨٥) نص هذه الرقعة بكاملها.
(٣) الفداوي: هو الفدائي، وهم غالبًا ما يكونون من الباطنية. على أن ابن الجوزي وابن الأثير ذكرا أن الذي جرح السلطان كان من أهل سجستان يعمل ستريًا عن السلطان (بشار).
(٤) زيادة من (ب) و (ط).
(٥) في (ط): "عبد الرحمن بن هبة الله البستي"، وهو تحريف عجيب، وما أثبتناه من المنتظم (٩/ ٨٧)، وقد عاش عبد الوهاب السيبي هذا إلى سنة (٥٠٤) وترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد (١/ ٤٠٧ - ٤٠٩ من طبعة الهند) والذهبي في وفيات سنة (٥٠٤) من تاريخ الإسلام (١١/ ٥١).
(٦) في (ط) بعد هذا: "من الرافضة والسنة" ولا تصح، لأن أهل الكرخ كلهم شعة في ذلك لوقت. والمراد أن أهل الكرخ الشيعة تصالحوا مع بقية المحال السنية (بشار).

<<  <  ج: ص:  >  >>