كتاب البداية والنهاية - ط دار ابن كثير

ثم دخلت سنة ثنتين وخمسمئة - وممن توفي فيها من الأعيان - ج: 14 - ص: 8

من أهل طبرستان، أحد أئمة الشافعية. ولد سنة خمس عشرة وأربعمئة، ورحل إلى الآفاق، حتَّى بلغ ما وراء النهر، وحصّل علومًا جَمَّة، وسمع الحديث الكثير، وصنّف كتبًا في المذهب، من ذلك: "البحر" في الفروع، وهو كتاب حافل شامل للغرائب، وغيرها، وفي المثل: حدِّث عن البحر ولا حرج (١)، وكان يقول: لو احترقت كتب الشافعي أمليتُها من حفظي. قتل ظلمًا يوم الجمعة (٢)، وهو يوم عاشوراء في الجامع من آمل طبرستان.

قال ابن خلِّكان (٣): وقد أخذ الفقه عن ناصر المروزي، وعلَّق عنه، وكان للرُّوياني الجاه العظيم والحرمة الوافرة في تلك الديار، وكان نظام الملك كثير التعظيم له، وقد صنَّف في أصول الفقه والفروع، منها: "بحر المذهب"، وكتاب "مَنَاصيص (٤) الإمام الشافعي"، وكتاب "الكافي"، و"حلية المؤمن" (٥)، وله في الخلاف أيضًا رحمه الله تعالى.

يحيى بن علي (٦) بن محمد بن الحسن بن بسطام الشيباني التبريزي، أبو زكريا:

أحد أئمة اللغة والنحو (٧). قرأ على أبي العلاء المعري وغيره، وتخرّج به جماعة، منهم أبو منصور بن الجواليقي.

قال ابن ناصر: وكان ثقة في النقل، وله المصنفات الكثيرة.

وقال ابن خيرون: لم يكن مرضيَّ الطريقة. توفي في جمادى الآخرة، ودفن إلى جانب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي (٨) بباب أبرز (٩)، والله أعلم.

---

(١) وتمامه: حدِّث عن البحر ولا حرج، وعن الفضل ولا حرج، وعن معن ولا حرج. تمثال الأمثال للعبدري (٢/ ٤٢٣ - ٤٢٤). (ع).
(٢) في آ: جمعة.
(٣) وفيات الاعيان.
(٤) في آ: "تناصيص"، وما هنا من ط، ب وخط الذهبي في تاريخ الإِسلام (١١/ ٣٦) (بشار).
(٥) في ب أ: "الموقن"، وما هنا من ط وخط الذهبي في تاريخ الإسلام (١١/ ٣٦) (بشار).
(٦) ترجمته في المنتظم (٩/ ١٦١) ومعجم الأدباء (٢٠/ ٢٥) ومعجم البلدان (تبريز)، وابن الأثير (٨/ ٢٥٨) والروضتين (١/ ٢٩) والمختصر (٢/ ٢٢٤) والعبر (٤/ ٥) ومرآة الجنان (٣/ ١٧٢).
(٧) جاءت الكنية في آ بعد هذه اللفظة.
(٨) هو إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي أبو إسحاق. مرت ترجمته مع وفيات سنة ٤٧٦ من الجزء السابق.
(٩) بِيَبْرَز، ومنهم من يسميها باب أَبْرَز، محلة ببغداد، وهي اليوم - زمن ياقوت - مقبرة بين عمارات البلد وأبنيته من جهة محلة الظفرية والمقتدرية، بها قبور جماعة من الأئمة منهم أبو إسحاق الشيرازي. معجم البلدان (بيبرز).