للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاضر، وكان قد وضع على الناس مكسًا في البغ فاحشًا، فقال في جملة وعظه: يا سلطان العالم أنت تطلق في بعض الأحيان للمغنِّي إذا طربتَ قريبًا مما وضعت على المسلمين من هذا المكس (١)، فهبني مغنيًا وقد طربتَ، فهب لي هذا المكس شكرًا لنعم (٢) الله عليك، وأسقطه عن الناس، فأشار السلطان بيده أن قد فعلتُ، فضجّ الناس بالدعاء له، وكتب بذلك سجلات، ونودي في البلاد بإسقاط ذلك المكس، ففرح الناس بذلك، ولله الحمد والمنة.

[وفي هذه السنة] (٣) قلَّ المطرُ جدًّا، وقلَّت مياهُ الأنهار، وانتشر جراد عظيم، وأصاب الناس داءٌ في حلوقهم، فمات بذلك خلائق كثيرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفيها: قُتل الملك عماد الدين زنكي بن قسيم (٤) الدولة آقسُنْقُر التركي (٥)، صاحب الموصل وحلب وغيرهما من بلاد الشام والجزيرة. وكان محاصرًا قلعة جعبر.

وفيها: شهاب الدين سالم بن مالك العقيلي (٦)، فبرطل بعض مماليك زنكي حتى قتلوه في الليلة الخامسة من ربيع الأول من هذه السنة.

قال العماد الكاتب: وكان سكرانًا (٧)، والله أعلم. وقد كان زنكي من خيار الملوك، وأحسنهم سيرة وشكلًا. وكان شجاعًا مقدامًا حازمًا، خضعت له ملوك الأطراف، وكان من أشد الناس غيرة على نساء الرعية، وأجود الملوك معاملة، وأرفقهم بالعامة.

وملك (٨) من بعده بالموصل ولده [سيف الدين غازي] (٩)، وبحلب ولده نور الدين محمود، فاستعاد الملك نور الدين محمود هذا مدينة الرُّها، وكان أبوه قد فتحها. ثم عصوا فقهرهم.

وفيها: ملكت الفرنج - لعنهم الله - مدينة طرابلس الغرب.

وفيها: استعاد صاحب دمشق مدينة بعلبك.


(١) ط: في البيع مكسًا فاحشًا.
(٢) ط: لنعمة.
(٣) ط: وفيها.
(٤) ط: قيم الدولة.
(٥) المنتظم (١٠/ ١١٩ و ١٢١) وابن الأثير (٩/ ١٣).
(٦) ابن الأثير (٩/ ١٧).
(٧) جملة: "وكان سكرانًا" يعود فيها الضمير - والله أعلم - إلى شهاب الدين سالم بن مالك العقيلي الذي كان في قلعة جعبر (ع).
(٨) ط: وقام بالأمر.
(٩) ط: سيف الدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>