للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرح المسلمون بقدومه إليهم، وأجريت عليهم الجرايات] (١)، وحملت إليهم التحف والكرامات، وخرج (٢) وجوه الناس إلى مخيم أسد الدين خدمة له، وكان فيمن جاء إليه إلى المخيم الخليفة العاضد متنكرًا، فأسرّ إليه أمورًا مهمّهَ، منها قتل الوزير شاور، وقرر ذلك معه.

وعظم أمر الأمير أسد الدين بمصر، ولم يقدر الوزير شاور على منع شيء من ذلك لكثرة الجيش الذي مع أسد الدين، ولكن شرع يماطل (٣) فيما كان تقرر له وللملك نور الدين مما كانوا التزموا له ولهم، وهو مع ذلك يتردد إلى الأمير أسد الدين، [ويركب معه، وعزم على عمل ضيافة له، فنهاه أصحابه عن الحضور عنده خوفًا عليه من عائلته، وشاوروه في قتل شاور، فلم يمكِّنهم الأمير أسد الدين من ذلك] (٤).

فلما كان في بعض الأيام جاء شاور إلى منزل الأمير أسد الدين فوجده قد ذهب لزيارة قبر الشافعي، وإذا ابن أخيه صلاح الدين (٥) هنالك، فعند ذلك أمر صلاح الدين بالقبض [على الوزير شاور] (٦)، ولم يمكنه قتله إلا بعد مشاورة عمه أسد الدين، وانهزم أصحابه، فأعلموا العاضد لعله يبعث ينقذه، فأرسل العاضد إلى الأمير أسد الدين يطلب منه رأسه، فقُتل شاور، وأُرسل رأسه (٧) إلى العاضد في سابع عشر ربيع الآخر، ففرح المسلمون بذلك، وأمر الأمير أسد الدين بنهب دار شاور فنهبت.

ودخل أسد الدين شيركوه (٨) على العاضد، فاستوزره، وخلع عليه خلعة عظيمة، ولقّبه الملك المنور. فسكن دار شاور، وعظم شأنه هنالك.

قال ابن أبي طي: ولما بلغ ذلك العادل نور الدين خبر فتح مصر فرح بذلك، وقصدته الشعراء بالتهنئة غير أنه لم ينشرح لكون أسد الدين صار وزيرًا للعاضد، وكذلك لما انتهت الوزارة إلى ابن أخيه صلاح، وشرع في إعمال الحيلة في إزالة ذلك فلم يتمكن، ولا قدر عليه، ولا سيما حين (٩) بلغه أن صلاح الدين استحوذ على خزائن العاضد، كما سيأتي بيانه، [إن شاء الله] (١٠)، والله أعلم.


(١) آ: وأجريت لهم الخيرات.
(٢) آ: وخرجت.
(٣) العبارة في ط: يماطل بما كان التزمه للملك نور الدين.
(٤) ليس في آ.
(٥) ط: يوسف.
(٦) ط: عليه.
(٧) ط: وأرسلوا إليه.
(٨) عن آ وحدها.
(٩) ط: أنه.
(١٠) عن ط وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>