للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال ابن أبي الدنيا: حدّثنا أبو بلال، حدّثنا قاسم بن عبد الله، عن عنبسة بن سعيد وكان عالماً قال: وجد أبو موسى مع دانيال مُصْحفاً وجَرَّة فيها ودك (١) ودراهم وخاتمه، فكتب أبو موسى بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: أمّا المصحف فابعث به إلينا، وأما الوَدَك فابعث إلينا منه، ومُر مَن قِبَلَك من المسلمين يستشفون به، واقسم الدراهم بينهم، وأمّا الخاتم فقد نَفَلْناكَهُ.

وروى ابن أبي الدنيا من غير وجه أن أبا موسى لما وجده ذكروا له أنه دانيال التزمه وعانقه وقبّله. وكتب إلى عُمر يذكر له أمره، وأنه وجد عنده مالاً موضوعاً قريباً من عشرة آلاف درهم، وكان من جاء اقترض منها، فإن ردَّها وإلا مرض، وأن عنده ربعة (٢)، فأمر عُمر بأن يغسل بماءٍ وسدر (٣)، ويكّفن ويدفن ويُخفَى قبرُه فلا يعلم به أحد، وأمر بالمال أن يرد إلى بيت المال، وبالربعة فتحمل إليه، ونَفَلَه خاتمه.

وروي عن أبي موسى أنه أمر أربعة من الأُسَراء فسَكَّروا نهراً، وحفروا في وسطه قبراً فدفنه فيه ثمّ قدم الأربعة الأسراء، فضرب أعناقهم، فلم يعلم بمكان موضع قبره غير أبي موسى الأشعري .

وقال ابن أبي الدنيا: حدّثني إبراهيم بن عبد الله، حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا ابن وهب، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: رأيت في يد أبي بردة بن أبي موسى الأشعري خاتماً نَقْش فصَّه أسدان بينهما رجل يلحسان ذلك الرجل، قال أبو بردة: هذا خاتم ذلك الرجل الميت الذي زعم أهل هذه البلدة أنه دانيال، أخذه أبو موسى يوم دفنه. قال أبو بردة: فسأل أبو موسى علماء تلك القرية عن نقش ذلك الخاتم فقالوا: إن الملك الذي كان دانيال في سلطانه جاءه المنجِّمون وأصحاب العلم فقالوا له: إنه يولد ليلة كذا وكذا غلام يُغور (٤) ملكك ويفسده. فقال الملك: والله لا يبقى تلك الليلة غلام إلا قتلته، إلا أنَّهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات الأسد ولبوته يلحسانه ولم يضراه، فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه، فنجاه الله بذلك حتى بلغ ما بلغ. قال أبو بردة: قال أبو موسى: قال علماء تلك القرية: فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلأ ينسى نعمة الله عليه.

إسناد حسن.


(١) الودَك: الدسم.
(٢) الربعة: صندوق فيه أجزاء المصحف.
(٣) السدر: شجرة يستخدم ورقها للغسل.
(٤) في ط: يعور.