للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان صاحبي، وجلس للوعظ، وحضر عنده السلطان صلاح الدين. وأورد له مقطعات أشعار، فمن ذلك ما كان يقول في مجلسه: [من البسيط] (١)

يا مالِكًا مُهْجَتي يا مُنْتَهى أَمَلِي … يا حاضِرًا شاهِدًا في القَلْبِ والفِكرِ

خَلَقْتَني من تُرابٍ أَنْتَ خَالِقُهُ … حتّى إِذا صِرْتُ تمثالًا من الصُّوَرِ

أَجْرَيْتَ فِي قَالبِي رُوحًا مُنَوَّرَةً … تَمُرُّ فيهِ كَجَرِي الماءِ في الشَّجَرِ

جَمَعْتَنِي من صَفَا روحٍ مُنَوَّرَةٍ … وَهَيْكَلٍ صُغْتَهُ من مَعْدنٍ كَدِرِ

إِن غِبْتُ فيكَ فَيا فَخْرِي ويا شَرفِي … وَإِنْ حَضَرْتُ فَيَا سَمْعِي وَيَا بَصَرِي

أَوِ احْتَجَبْتُ فَسِرّي فيكَ في وَلَهٍ … وَإِنْ خَطَرْتُ فَقَلْبِي مِنْكَ فِي (٢) خَطَرِ

تَبْدُو فَتَمْحُو رُسومي ثُمّ تُثْبِتُها … وَإِنْ تَغَيَّبْتَ عَنّي عِشْتُ بالأَثَرِ

وممن توفي فيها (٣) من الأعيان:

الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر (٤): علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، أبو القاسم الدمشقي.

أحد أكابر حفاظ الحديث، ومن عُني به سماعًا وإِسماعًا (٥)، وجمعًا وتصنيفًا واطلاعًا، وحفظًا لأسانيده ومتونه، وإِتقانًا لأساليبه وفنونه.

صنّف "تاريخ الشام" في ثمانين مُجَلَّدة، فهي باقية بعدَه مُخَلَّدة (٦). وقد ندر على من تقدمه من المؤرخين، وأتعب من يجيء (٧) بعده من المتأخرين، فحاز فيه قصب (٨) السباق، [وحاز حدًا يأمن من فيه اللحاق] (٩)، ومن نظر فيه وتأمله، ورأى ما وصفه فيه (١٠) وأصّله، حكم بأنه فريد (١١) في التواريخ،


(١) الأبيات في الروضتين (١/ ٢٦١).
(٢) ليس في أ.
(٣) ليس في ط.
(٤) ترجمته في المنتظم (١٠/ ٢٦١) والخريدة -الشام- (١/ ٢٧٤) ومعجم الأدباء (١٣/ ٧٣) ومرآة الزمان (٨/ ٣٣٦) والروضتين (١/ ٢٦١) ووفيات الأعيان (٣/ ٣٠٩ - ٣١١) وأبو الفداء (٣/ ٦٢) وتاريخ الإسلام (١٢/ ٤٩٣ - ٥٠١) والعبر -الكويت (٤/ ٢١٢) - بيروت (٣/ ٦٠ - ٦١) ومرآة الجنان (٣/ ٣٩٣ - ٣٩٦).
(٥) عن ب وحدها.
(٦) ليس في ب.
(٧) ط: يأتي.
(٨) ط: قصب السبق.
(٩) ليس في ط.
(١٠) ليس في أ.
(١١) ط: فريد دهره.

<<  <  ج: ص:  >  >>