للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العماد (١) الكاتب: وكان عزيز المثل غزير الفضل. فكتب القاضي الفاضل عن الملك العادل أبي بكر (٢) نائب مصر إِلى أهل اليمن والينبُع (٣) ومكة يعلمهم بعزم السلطان الناصر على الحج في هذا العام [إِلى المسجد الحرام] (٤) ليتأهَّبوا للملك، ويهتموا به، واستصحب السلطان معه صدر الدين أبا القاسم عبد الرحيم (٥) شيخ الشيوخ ببغداد الذي قدم في الرسيلة (٦) من جهة الخليفة، ليكون في خدمته إِلى الديار المصرية، وفي صحبته إِلى الحجاز الشريف. فدخل السلطان ديار مصر، وتلقاه الجيش، وكان يومًا مشهودًا، وأما شيخ الشيوخ صدر الدين فإِنه لم يُقِم بها إِلا قليلًا حتى توجّه إِلى الحجاز الشريف في البحر، فأدرك الصيام في المسجد (٧) الحرام.

وفيها: سار قراقوش (٨) التَّقَوِي إِلى بلاد المغرب، فحاصر قابس (٩)، وقلاعًا كثيرة حولها، واستحوذ على أكثرها، فاتفق له أنه أسر من بعض الحصون غلامًا أمرد (١٠) فأراد قتله، فقال له أهل الحصن: لا تقتله، وخذ لك (١١) عشرة آلاف دينار، فأبى، فوصلوه (١٢) إِلى مئة ألف دينار، فأبى إِلا قتله، فقتله. فلما قتله نزل صاحب الحصن، وهو شيخ كبير، ومعه مفاتيح الحصن (١٣) فقال له: خذ


(١) سترد ترجمته في حوادث سنة ٥٩٧ من هذا الجزء.
(٢) الملك العادل أبو بكر محمد بن أيوب بن شاذي، سيف الدين. ولد سنة ٥٤٠ هـ. ونشأ في خدمة نور الدين مع أبيه، وكان أخوه صلاح الدين يستشيره ويعتمد على رأيه وعقله ودهائه. وكانت مدة ملكه لدمشق ٢٣ سنة ولمصر ١٩ سنة، وخلف ستة عشر ولدًا ذكرًا غير البنات. توفي سنة ٦١٥ هـ. ترجمته في ابن الأثير (٩/ ٣٢٦ - ٣٢٧) وذيل الروضتين (٩/ ١١١ - ١١٣) وأبو الفداء (٣/ ١١٩ - ١٢٠) والعبر - بيروت (٣/ ١٦٧ - ١٦٨).
(٣) ط: والبقيع، وهو تصحيف. الروضتين (٢/ ١٩).
(٤) عن ب وحدها.
(٥) هو عبد الرحيم بن إِسماعيل بن أبي سعيد الصوفي شيخ الشيوخ وابن شيخ الشيوخ صدر الدين، أخذ مكان والده حين توفي سنة ٥٤١. وجمع بين رئاسة الدين والدنيا. وأرسله الخليفة إِلى صلاح الدين رسولًا، فتوفي في طريق عودته إِلى العراق سنة ٥٨٠ هـ. ابن الأثير (٩/ ١٦٧) وأبو الفداء (٣/ ٦٨).
(٦) ط: الذي قدم من جهة الخليفة في الرسالة وجاء بالخلع ليكون.
(٧) أ: بالمسجد.
(٨) قراقوش هذا غيرُ الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي الذي سترد ترجمته ضمن وفيات سنة ٥٩٧ من هذا الجزء. وفيات الأعيان (٤/ ٩١).
(٩) ط: فاس، وهو تصحيف. الروضتين (٢/ ٢١) وقابس مدينة على ساحل البحر بين طرابلس وسفاقس ثم المهدية. معجم البلدان. وتقع اليوم في جنوب شرقي تونس على خليج قابس.
(١٠) ط: أسود. وهو تصحيف. الروضتين (٢/ ٢١).
(١١) ط: وخذ لك رتيه.
(١٢) ط: فأوصله.
(١٣) ط: ذلك الحصن.

<<  <  ج: ص:  >  >>