للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله، وذلك في ذي الحجة من هذه السنة، وكان المقدم على الداخلين إِلى عكا الأمير سيف الدين علي ابن أحمد بن المشطوب (١).

وفي اليوم السابع من ذي الحجة سقطت ثلمة عظيمة من سور عكا، فبادر الفرنج إِليها فسبقهم المسلمون إِلى سدها بصدورهم، وقاتلوا دونها (٢) بنحورهم، ومازالوا يمانعون عنها حتى بَنوْها أشدَّ مما كانت، وأقوى وأحسن وأبهى.

ووقع في هذه السنة وباءٌ عظيم في الجيشين (٣) المسلم والكافر، فكان السلطان يقول في ذلك (٤): [من مجزوء الخفيف]

اقتلوني ومالكًا … واقتلوا مالكًا معي

واتفق موت ابن ملك الألمان، لعنه الله، في ثاني ذي الحجة، [من هذه السنة] (٥)، وجماعة من كبراء الكندهرية، وسادات الفرنج لعنهم الله، فحزن الفرنج على ابن ملك الألمان حزنًا عظيمًا، وأوقدوا نارًا عظيمة في كل خيمة، وصار في كل يوم يهلك من الفرنج المئة والمئتان، واستأمن السلطان جماعة منهم من شدة ما هم فيه من الجوع (٦) والضيق والحصر، وأسلم خلق كثير منهم ولله الحمد والمنة.

[وفي هذا الشهر] (٧) قدم القاضي الفاضل [من الديار المصرية] (٨) على السلطان، وكان قد طال شوق كل واحد منهما إِلى صاحبه، فأفضى كل واحد منهما إِلى الآخر (٩) ما كان يسرّه ويكتمه من الآراء التي فيها مصالح المسلمين، وقدم وزير الصدق على السلطان الموفِّق والأمير المؤيد رحمهما الله تعالى.


(١) بعده في ب: أيده الله. وسترد ترجمته في حوادث سنة ٥٨٨ من هذا الجزء.
(٢) أ، ب: عنها.
(٣) ط: في المسلمين والكافرين.
(٤) كان مالك بن الحارث المعروف بالأشتر النخعي من الشجعان والأبطال المشهورين، وهو من خواص أصحاب الإِمام علي بن أبي طالب . وكان عبد الله بن الزبير أيضًا من الأبطال، وقد خرجا جميعًا يوم الجمل، فلما تماسكا صار كل واحد منهما إِذا قوي على صاحبه جعله تحته وركب على صدره، وفعلا ذلك مرارًا، وابن الزبير يشند هذا البيت. يريد بمالك الأشتر النخعي. قال ابن شداد: يريد بذلك أني قد رضيت بأن أتلف إِذا أتلف أعداء الله. وفيات الأعان (٧/ ١٩٥) والروضتين (٢/ ١٨٠).
(٥) عن أ وحدها.
(٦) ليس في ب.
(٧) ط: وفيها.
(٨) ط: من مصر.
(٩) ط: صاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>