للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنقه، فقال: هل لكم أن أفتديَ نفسي منكم، فجعل يفتدي نفسَه منهم بالقليل والكثير حتى فكّ نفسه. وآمركم بذكر اللّه ﷿ كثيرًا، فإن مثل ذلك كمثل رجلٍ طلبه العدو سِراعًا في إثره، فأتى حِصنًا حصينًا فتحصّن فيه، وإن العبدَ أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر اللّه ﷿".

قال: فقال رسول اللّه : "وأنا آمرُكم بخمسٍ اللّهُ أمَرني بهنَّ: بالجماعةِ، والسَّمعِ، والطاعةِ، والهجرةِ، والجهادِ في سبيل اللّه. فإن مَنْ خَرجَ عن الجماعةِ قِيْد شِبرٍ فقد خَلَع ربقة الإسلام من عُنقِه إلا أنْ يرجعَ، ومن دَعَا بدعْوَى الجاهلية فهو من جُثَى جَهَنّم (١) ". قالوا: يا رسول اللّه وإن صام وصلّى؟ قال: "وإنْ صامَ وصلّى وزَعَم أنه مُسلم. ادْعوا المسلمينَ بأسمائهم بما سَمَّاهمُ اللّهُ ﷿ المسلمينَ المؤمنينَ عباد اللّه ﷿".

وهكذا رواه أبو يعلى عن هدبة بن خالد، عن أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، به (٢).

وكذلك رواه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي (٣) وموسى بن إسماعيل (٤)، كلاهما عن أبان بن يزيد العطار، به.

ورواه النَّسائي (٥) عن هشام بن عمار، عن محمد بن شعيب بن سابور، عن معاوية بن سلَّام، عن أخيه زيد بن سلَّام، عن أبي سلَّام، عن الحارث الأشعري، به.

ورواه الحاكم (٦) من طريق مروان بن محمد الطَّاطَرِي، عن معاوية بن سلَّام، عن أخيه، به. ثم قال: تفرّد به مروان الطّاطَري عن معاوية بن سلَّام.

قلت: وليس كما قال. ورواه الطَّبَراني (٧) عن محمد بن عبدة، عن أبي تَوْبة الربيع بن نافع (٨) عن


(١) قال ابن الأثير في جامع الأصول (٩/ ٥٤٧): جُثى: جمع جُثوة، بالضم، وهي الشيء المجموع من جماعات جهنم، هذا فيمن رواها مخففة. ومن رواها (جثيّ) مشددة، فإنه أراد الذين يجثون على الركب، واحدها (جاث) من قوله تعالى: ﴿حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾ [مريم: ٦٨] قال الهروي: وهذا أحب إلى أبي عبيد.
(٢) مسند أبي يعلى (٣/ ١٤٠ - ١٤٢)، رقم (١٥٧١).
(٣) رقم (٢٨٦٤)، في الأمثال، باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة، وهو في مسند الطيالسي (١١٦١).
(٤) رقم (٢٨٦٣)، وصحح الترمذي الوجهين.
(٥) في ط: "ابن ماجة" وهو غلط محض، فابن ماجة لم يخرج هذا الحديث، والصواب ما أثبتنا، وهو الذي في تحفة الأشراف للمزي (٣٢٧٤). وقد أخرجه النسائي في موضعين من سننه الكبرى، أولهما في السير (٨٨٦٦)، وثانيهما في التفسير (١١٣٤٩)، وهو في كتاب التفسير المطبوع مفردًا برقم (٣٦٩) بالإسناد المذكور.
(٦) الحديث بطرق وروايات في المستدرك (١/ ١١٧ - ١١٨، ٢٣٦، ٤٢١)، ولم يرد في سنده ذكر لمروان الطاطري، ولا الكلام المنسوب له عن التفرد، ولعل الراوي غير الحاكم، وهو الأرجح.
(٧) في المعجم الكبير (٣٤٣٠) ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (٥/ ٢١٧ - ٢١٨).
(٨) في ط: (نوبة) يافع. وهو تصحيف. والربيع بن نافع، أبو توبة الحلبي، نزيل طرسوس، ثقة، حجة. توفي سنة (٢٤١ هـ). تقريب التهذيب (١/ ٢٤٦).