للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكثرة (١) إِقامته بها وتدريسه فيها، ولم يكن هو (٢) أول من درَّس بها، بل قد سبقه إِلى تدريسها غير (٣) واحد كما تقدم في ترجمة نور الدين، ثم صار العماد كاتبًا (٤) في الدولة الصلاحية، وكان القاضي الفاضل يثني عليه ويشكره، قالوا: وكان منطوقه يعتريه جمود وفترة، وقريحته في غاية الجودة والحدّة.

وقد قال القاضي الفاضل لأصحابه يومًا: قولوا فيه (٥)، فتكلموا وشبَّهوه في هذه الصفة بصفات، فلم يقبلها الفاضل (٦)، وقال: هو كالزناد ظاهره بارد وداخله نار.

وله من المصنفات "خريدة القصر (٧) في شعراء العصر"، و"الفتح القدسي"، و"البرق الشامي" وغير ذلك من المصنفات المسجعة، والعبارات المصرعة (٨) والقصائد المطولة والمعاني والألفاظ المُؤَثّلة.

ومن لطيف تغزله قوله (٩): [من الخفيف]

كَيْفَ قُلْتُمْ في مُقْلَتَيْهِ فُتورُ … وَأَراها بلا فُتورٍ تَجورُ

لو بَصُرْتُمْ بِطَرْفِهِ كَيْفَ يَسْبي … قُلْتُمُ ذاكَ كاسِرٌ لا كَسيرُ

مُوتِرٌ قَوْسَ حاجِبَيْهِ لإصْما … ءِ فُؤادي كَأَنَّهُ مَوْتُورُ

لا تَسَلْني (١٠) عن العقارِ (١١) فَعَقْلِي … طافِحً (١٢) مِنْ عُقارِهِنّ عَقِيرُ

كَيْفَ يَصْحو من سُكْرِهِ مُسْتَهامٌ … مَزَجَتْ كَأْسَهُ العيونُ الحُورُ

أَوْرَثَتْهُ سقامَها الحَدَقُ النُّجْـ … ـلُ وَأَهْدَتْ لَهُ النُّحولَ الخُصُورُ

ما يَصيدُ الأُسْدَ الخَوادِر إِلا … ظَبَيَاتٌ كُناسُهُنَّ الخُدورُ


(١) ط: نسبة إِلى سكناه بها وإِقامته فيها وتدريسه بها.
(٢) ليس في ط.
(٣) ليس في ب.
(٤) أ، ب: ثم كتب في الدولة الصلاحية.
(٥) عن ب وحدها.
(٦) ط: القاضي.
(٧) ط: الجريدة جريدة النصر، وهذا تصحيف عجيب.
(٨) ط: المتنوعة.
(٩) الأبيات في ديوان العماد (١٧٧ - ١٨٤) ضمن قصيدة مؤلفة من ٨٥ بيتًا قالها سنة ٥٦٢ في مدح صلاح الدين. ومنها ٢٨ بيتًا في الروضتين (١/ ١٤٦).
(١٠) أ، ب: لا تسألني.
(١١) في الديوان: اللحاظ.
(١٢) أ: الخنيصرات. ب: الخصبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>