للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شدة الزحام، فإِذا فرغ من وعظه خرجوا إِلى بساتينهم (١) وليس لهم كلام إِلا فيما قال يومهم ذلك أجمع، يقولون قال الشيخ وسمعنا من الشيخ، فيحثهم ذلك على العمل الصالح والكف عن المساوئ، وكان يحضر عنده الأكابر (٢)، حتى الشيخ تاج الدين أبو اليُمْنِ الكندي (٣)، كان يجلس في القبة التي عند باب المشهد هو ووالي البلد المعتمد ووالي (البر) ابن تميرك وغيرهم.

فلما جلس (٤) [في] يوم السبت خامس ربيع الأول [بالجامع] كما ذكرنا حث الناس على الجهاد وأمر بإِحضار ما كان يحصل (٥) عنده من شعور التائبين، وقد عمل منه شكالات يحملها (٦) الرجال، فلما رآها الناس ضجوا ضجة واحدة وتباكَوْا (٧) بكاءً كثيرًا وقطعوا من شعورهم نحوها، فلما انقضى المجلس نزل عن المنبر فتلقاه (٨) الوالي مبارز (٩) الدين المعتمد بن إِبراهيم، وكان من خيار الناس، فمشى بين يديه إِلى باب الناطفيين (١٠) يعضده حتى ركب فرسه والناس من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فخرج من باب الفرج وباب بالمصلى (١١)، ثم ركب من الغد في الناس إِلى الكسوة ومعه خلائق كثيرون خرجوا بنية الجهاد ببلاد (١٢) القدس، وكان من جملة من معه ثلاثمائة من أهل (١٣) زَمْلَكا بالعدد الكثيرة التامة، قال: فجئنا عقبة أفيق والطير لا يتجاسر أن يطير من خوف الفرنج، فلما وصلنا نابلس تلقانا المعظم، قال ولم أكن اجتمعت به قبل ذلك، فلما رأى الشكالات من شعور التائبين جعل يقبِّلها ويمرِّغها على وجهه (١٤) ويبكي.

وعمل أبو المظفَّر ميعادًا بنابلس وحثّ على الجهاد وكان يومًا مشهودًا، ثم سار صحبة المعظم


(١) ط: إِلى أماكنهم.
(٢) ب: ويحضرون عنده الأكابر. وهي لغة مفضولة.
(٣) سترد ترجمة -الكندي- سنة ٦١٣.
(٤) ط: وغيرهم والمقصود أنه لما جلس يوم السبت.
(٥) ط: تحصل.
(٦) ط: تحمل.
(٧) ط: وبكوا.
(٨) أ، ب: تلقاه.
(٩) ط: ونزل عن المنبر فتلقاه مبادر الدين المعتمد بن إِبراهيم. ذيل الروضتين (٧٣).
(١٠) أ، ب: الناطفانيين.
(١١) في ب: فخرج وباب بالمصلى، أ: وباب المصلى.
(١٢) ط: إِلى بلاد القدس.
(١٣) ط: من جهة زملكا، وفي أ، ب: من أهل ملكا.
(١٤): على عينيه ووجهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>