للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفح، وليس به من العمارة (١) سوى دير الحوراني (٢)، قال: فقيل لنا الصالحين نسبونا (٣) إِلى مسجد أبي صالح، لا أنا صالحون، وسميت هذه البقعة من ذلك الحين بالصالحية نسبة إِلينا.

فقرأ (٤) الشيخ أبو عمر القرآن على رواية أبي عمرو، وحفظ "مختصر الخِرَقي" (٥) في الفقه، [وهو الذي شرحه [أخوه] فيما بعد] (٦) فكتب "شرحه" بيده، وكتب "تفسير البغوي" و "الحلية" لأبي نعيم و "الإِبانة" لابن بطة، وكتب مصاحف كثيرة بيده للناس ولأهله بلا أجر (٧).

وكان كثير العبادة والتهجد (٨)، ويصوم الدهر، [حسن الشكل، نحيل الجسم، عليه أنوار العبادة] وكان لا يزال متبسِّمًا، وكان يقرأ (كل يوم سبعًا بين الظهر والعصر ويصلي الضحى ثماني ركعات يقرأ) فيهن ألف مرة قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد، وكان يزور مغارةَ الدّم في كل يوم اثنين وخميس.

ويجمع في طريقه الشيح فيعطيه الأرامل والمساكين، ومهما تهيَّأَ له من فتوح وغيره يؤثر به أهله والمساكين.

وكان متقلّلًا في الملبس، وربما مضت عليه مدة لا يلبس فيها سراويل ولا قميصًا، وكان [يقطع من عمامته قطعًا يتصدق بها أوفي تكميل كفن ميت] (٩).

وكان هو وأخوه وابن خالتهم (١٠) الحافظ عبد الغني (١١) وأخوه الشيخ العماد لا ينقطعون عن غزاة


(١) مسجد أبي صالح: بظاهر باب شرقي. وأبو صالح هو مفلح بن عبد الله الحنبلي الذي مات سنة ٥٣٠. تاريخ دمشق (٢/ ٨١) والأعلاق الخطيرة (١٣٦) والدارس (٢/ ١٠١) وتاريخ الصالحية (١/ ٢٥) وفي هامشه ما يلي: وقد درس هذا المسجد ولم يبق منه شيء ولكن أحيط مكانه بجدار من دكّ داخله قبر يعرف بالشيخ صالح، ينذر له أهل القرى والبساتين التي حوله.
(٢) دير الحوراني: ذكره ابن طولون في أديرة الصالحية، ويقع غربي دير الحنابلة في سفح الجبل. تاريخ الصالحية (٤٠) وغيرها. قلت: ودير الحنابلة يسمى في عصرنا: جامع الحنابلة، ويقع في آخر سوق أبي جرش الملاصق لسوق الشيخ محي الدين.
(٣) ط: فقيل لنا الصالحيين نسبة إِلى مسجد أبي صالح.
(٤) ب: مسجد أبي صالح لأنّا صالحون فقرأ الشيخ.
(٥) مؤلف هذا المختصر اسمه: الحسين بن عبد اللّه بن أحمد الخرقي والد أبي القاسم. توفي سنة ٢٩٩ هـ. وقد طبع المختصر في دمشق بتحقيتى الشيخ عبد القادر الأرناؤوط مع بعض الأساتذة.
(٦) ط: ثم إِن أخاه الموفق شرحه فيما بعد.
(٧) ن: إِلا بأجرة.
(٨) ط: وكان كثير العبادة والزهادة والتهجد.
(٩) ط: كفن من يعوز كفنه.
(١٠) في ط: "خالهم" ولا يصح، وما أثبتناه هو الصواب (بشار).
(١١) تقدمت ترجمة الحافظ عبد الغني في وفيات سنة ٦٠٠ هـ من الجزء السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>