للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَديجةُ، فقال جبريل: من هذه يا محمد؟ قال: "هذه صِدِّيقَةُ أُمتي". قال جبريل: معي إليها رسالة من الرب ﷿، يقرئها السلام ويبشّرها ببيت في الجنة من قَصَبٍ بعيد من اللهب لا نصَب فيه ولا صَخَب. قالت: اللّه السلام ومنه السلام والسلام عليكما ورحمة اللّه وبركاته على رسول اللّه، ما ذلك البيت الذي من قصب؟ قال: لؤلؤة جوفاء بين بيت مَريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم، وهما من أزواجي يوم القيامة. وأصل السلام على خديجة من الله وبشارتها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا وصب في الصحيح (١)، ولكن هذا السياق بهذه الزيادات غريب جدًا. وكل هذه الأحاديث في أسانيدها نظر.

وروى ابنُ عساكر من حديث أبي زُرْعة الدمشقي، حدّثنا عبد اللّه بن صالح، حدّثني معاوية، عن صفوان بن عمرو، عن خالد بن معدان، عن كعب الأحبار أن معاوية سأله عن الصخرة - يعني صخرة بيت المقدس - فقال: الصخرة على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت النخلة مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم ينظمان سموط أهل الجنة حتى تقوم الساعة.

ثمّ رواه من طريق إسماعيل بن عياش (٢)، عن ثعلبة بن مسلم، عن مسعود بن عبد الرحمن، عن خالد بن معدان، عن عبادة بن الصامت، عن النبي بمثله. وهذا منكر من هذا الوجه، بل هو موضوع. وقد رواه أبو زرعة عن عبد اللّه بن صالح عن معاوية عن مسعود بن عبد الرحمن، عن ابن عابد أن معاوية سأل كعبًا عن صخرة بيت المقدس، فذكره. قال الحافظ ابن عساكر: وكونه من كلام كعب الأحبار أشبه.

قلت وكلامُ كعب الأحبار هذا إنما تلقّاه من الإسرائيليات التي منها ما هو مكذوب مفتعل وضعه بعض زنادفتهم أو جهّالهم، وهذا منه. واللّه أعلم.

* * *


(١) رواه البخاري (٧/ ١٣٣)، في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي خديجة وفضلها. ومسلم (٢٤٣٣)، في فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
(٢) في ط. عن عياش. وهو خطأ. وإسماعيل بن عياش مترجم في سير أعلام النبلاء (٨/ ٢٧٧). وما بعدها.