للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَكْتُ قِيامي للصَّديقِ يَزُورُني … ولا ذَنْبَ لي إِلَّا الإطالة في عمري

فإِنْ بَلَغُوا مِنْ عَشْرِ تِسْعِينَ نصفها … تَبَيَّنَ في تَرْكِ القيامِ لهم عُذْرِي

[وقد أسلفنا شيئًا من قبله في قتل عمارة اليمني في الدولة الصلاحية في سنة تسع وتسعين وخمسمئة وهي في غاية القوة والفصاحة والجناس. وقد أورد ابن الساعي في ترجمته من "تاريخه" أشعارًا حسنة، فمن ذلك قوله يمدح الملك المظفر (١) تقي الدين عمر بن شاهنشاه] (٢): [من الطويل]

وصالُ الغواني كان أروى وأروجا (٣) وعصرُ التداني كانَ أبهى وأبهجا

لياليَ كانَ العمرُ أحسنَ شافعٍ … تولَّى وكانَ اللهوُ أوضحَ منهجا

بدا الشيبُ فانجابتْ طماعيةُ الصّبا … وقَبَّحَ لي ما كانَ يستحسنُ الحجا

بلهنية ولَّت كأنْ لم أكن بها … أجلِّي بها وجهً (٤) النعيمِ مسرَّجا

ولا اخْتَلْتُ في بُرْدِ الشبابِ مجرّرًا … ذيوليَ إِعجابًا بهِ وتبرّجا

أعاركُ غيداءَ المعاطفِ طفلة … وأغيدَ معسولَ المراشفِ أدعجا

تَقَضتْ لياليها بطيبٍ كأَنّهُ … لتقصيرهِ منهنّ يختطف (٥) الدُّجا

فإن أُمسِ مكروبَ الفؤادِ حزينَه (٦) … أعاقرُ مسن درّ الصبابةِ منهجا (٧)

وحيدًا على أني بفضلي متيَّم (٨) … مروعًا بأعداءَ الفضائلِ مزعجا

فيا ربَّ ديني قد (٩) سررتُ وسرَّني … وأبهجتهُ بالصالحاتِ وأبهجا

ويا ربَّ نادٍ قد شهدتُ وماجدٍ … شهدتُ وخصمٍ رعتُهُ فتلجلجا (١٠)

صدعتُ بفضلي نقصهُ فتركتهُ … وفي قلبهِ شجو وفي حلقهِ شجا

كأَنَّ ثنائي في مسامع حُسَّدي … وقد ضمَّ أبكارَ المعاني وأدرجا

حسامُ تقي الدينِ في كلِّ مارقٍ … يقدُّ إِلى الأرضِ الكَميَّ المُدَجَّجا


(١) تقدمت ترجمة الملك المظفر في وفيات سنة ٥٨٧.
(٢) ط: ومما مدح فيه الملك المظفر شاهنشاه ما ذكره ابن الساعي في تاريخه.
(٣) ط: أورى وأرجا. ولا يستقيم بهما المعنى ولا الوزن.
(٤) أ، ب: اجتلى وجه النعيم. ولا يستقيم الوزن بها.
(٥) ط: منها مختطف الدجا.
(٦) أ: خزينة.
(٧) أ: دون الصبابة تنهجا. ب: من دن الصبابة تبهجا.
(٨) ب: أميم.
(٩) أ، ب: فيا رب من دمي سررت.
(١٠) ط: شهدت دعوته فتلجلجا.

<<  <  ج: ص:  >  >>