للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في رجبٍ حَلَّلَ المُحرَّم (١) … وخرَّب القُدْسَ في المُحَرَّم

وفيها: استحوذت الفرنج [-لعنهم الله-] على مدينة دمياط ودخلوها بالأمان فغدروا بأهلها وقتلوا رجالها وسبوا نساءها وأطفالها، وفجروا بالنساء، وبعثوا بمنبر الجامع والربعات ورؤوس القَتْلى إِلى الجزائر، وجعلوا الجامعَ كنيسةً [ولو شاء ربك ما فعلوه].

وفيها: غضب المُعَظَّم (٢) على القاضي زكي الدين بن [محيى الدين بن] [قاضي البلد]، وسببه أن عمته ست الشام بنت أيوب [كانت قد] مرضت في دارها التي جعلتها بعدها مدرسة فأرسلت إِلى القاضي لتوصي إِليه، فذهب إِليها بشهود معه فكتب الوصيةَ كما قالت، فقال المعظم (٣) يذهب إِلى عَمَّتي بغير (٤) إِذني، ويسمع هو والشهود كلامها؛ واتفق أن القاضي طلب من جابي العزيزية حسابها وضربه بين يديه بالمقارع، وكان المعظم يبغض هذا القاضي من أيام أبيه [العادل]، فعند ذلك أرسل المعظم إِلى القاضي ببقجة فيها قباء وكلوتة، القباء أبيض والكلوتة صفراء. وقيل بل كانا حمراوين مدرنين (٥)، وحلف الرسول عن السلطان ليلبسنهما ويحكم بين الخصوم فيهما، وكان من لطف اللّه (٦) أن جاءته الرسالة بهذا وهو في دهليز داره التي بباب البريد، وهو منتصب للحكم، فلم يستطع إِلا أن يلبسهما (٧) وحكم فيهما، ثم دخل داره واستقبل مرض (موته)، وكانت [وفاته في صفر من السنة الآتية بعدها] (٨)، وكان الشرف بن عنين (٩) الزرعي الشاعر قد أظهر النسك والتعبد، ويقال: إِنه اعتكف بالجامع (١٠) أيضًا فارسل إليه المعظم بخمر ونرد ليشتغل بهما. فكتب إِليه ابن عُنَيْن (١١): [من الكامل]


(١) في ط ومرآة الزمان وذيل الروضتين: الحميا وأخرب ..
(٢) أ، ب: تغيظ السلطان.
(٣) أ، ب: فقال السلطان.
(٤) ط: بدون إِذني.
(٥) أ: مدرين، ب: بديرين: وفي ذيل الروضتين: أحمر ملطي. ومن وصف أبي شامة يبدو أن القباء ثوب يلبسه المرء على جسمه، وأن الكلوتة يلبسه على رأسه، وهما لا يليقان بالقاضي لذلك أراده أن يلبسهما ويسير بهما في السوق ليثير سخرية الناس عليه، لكن الله لطف به فلم يلبسهما إِلا في مجلس الحكم وهو في داره في باب البريد ومع ذلك فقد أصاب منه مقتلًا.
(٦) أ، ب: وكان الألطاف به.
(٧) أ، ب: فلم يقدر إِلا أن لبسهما.
(٨) أ، ب: فكانت وفاته في صفر من السنة التي بعدها.
(٩) سترد ترجمة ابن عنين في وفيات سنة ٦٣٠، وقد طُبع ديوانه في مجمع اللغة العربية بتحقيق خليل مردم بك، ثم صورت نسخة المحقق من هذه الطبعة وعليها زيادات بخطه.
(١٠) أ، ب: التعبد والنسك ويقال إِنه اعتكف في الجامع.
(١١) البيتان في ديوان ابن عنين (٩٣) وهما أيضًا في مراة الزمان (٣٩٨) وذيل الروضتين (١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>