للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفتحوها (١) إِلا في سنة تسعين من أيام سليمان بن عبد الملك، ففتحها هؤلاء في أيسر (٢) مدة. ونهبوا ما فيها وقتلوا أهاليها كلهم وسبوا وأحرقوا، ثم ترحلوا عنها نحو الري فوجدوا في الطريق أمَّ خوارزم شاه ومعها أموال عظيمة جدًّا، فأخذوها وفيها كل غريب ونفيس مما لم يشاهد مثله من الجواهر وغيرها، ثم قصدوا الري فدخلوها على حين غفلة من أهلها فقتلوهم وسبوا وأسروا (٣)، ثم ساروا إِلى همذان فملكوها ثم إِلى زنجان (٤) فقتلوا وسبوا، ثم قصدوا قزوين فنهبوها وقتلوا من أهلها نحوًا من أربعين ألفًا، ثم تيمموا بلاد أذربيجان فصالحهم ملكها أوزبك (٥) بن البهلوان على مال حمله (٦) إِليهم لشغله بما هو فيه من السكر وارتكاب السيئات والانهماك على الشهوات، فتركوه وساروا إِلى موقان (٧) فقاتلهم الكرج في عشرة آلاف مقاتل فلم يقفوا بين أيديهم طرفة عين حتى انهزمت الكرج [وقتلت التتار منهم خلقًا كثيرًا ثم قصدوا تفليس وهي أكبر مدن الكرج فاجتمعت عند ذلك الكرج وأقبلوا] (٨) إِليهم بحدّهم وحديدهم، فكسرتهم التتار وقعه (٩) ثانية أقبح هزيمة وأشنعها.

وها هنا قال ابن الأثير (١٠): ولقد جرى لهؤلاء التتر ما لم يُسمع بمثله من قديم الزمان وحديثه: طائفة تخرج من حدود الصين لا تنقضي عليهم (١١) سنة حتى يصل بعضهم إِلى حدود بلاد إِرْمينية من هذه الناحية ويجاوزون العراق من ناحية همذان وتاللّه (١٢) لا أشك أَنَّ مَنْ يجيءُ بعدنا إِذا بَعُدَ العهدُ ويرى هذه الحادثة مسطورة يُنْكرها ويستبعدها، والحقُّ بيده، فمتى استبعد ذلك فلينظر أننا سطرنا (١٣) نحن وكل مَنْ جمعَ


(١) أ: لم يفتحوها، وب: لم يفتتحوا.
(٢) أ: ففتحها هو في أيسر، وب: ففتحها وفي أيسر.
(٣) أ: فقتلوهم ونهبوهم وسبوهم وأسروهم، وب: فقتلوهم ونهبوهم وسبوهم.
(٤) أبهر وزنجان مدينتان يقترن ذكرهما في الغالب على الطريق غرب قزوين. وزنجان على نحو خمسين ميلًا إِلى غربي أبهر على نهر زنجان وعلى طريق أذربيجان معجم البلدان (٣/ ١٥٢) وبلدان الخلافة (٢٥٦ - ٢٥٧).
(٥) سترد ترجمته.
(٦) ب: حملوا.
(٧) قال ياقوت: موقان: ولاية فيها قرى ومروج كثيرة تحتلها التركمان، وهي بأذربيجان يمرّ القاصد من أردبيل إِلى تبريز في الجبال. معجم البلدان (٥/ ٢٢٥).
(٨) ط: فأقبلوا.
(٩) أ، ب: مرة ثانية.
(١٠) ابن الأثير (٩/ ٣٣٦).
(١١) أ، ب: لا يخرج عنه سنة.
(١٢) أ: واللّه.
(١٣) أ، ب: فمتى استعبدها فلينظر أنا سطرناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>