للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطعامٍ، ودخلتُها فمررتُ برجلٍ غَسَّالٍ فنظر إِليَّ شزرًا فخفتُ منه، وخرجت من البلد هاربًا، فلحقني ومعه طعام فقال (١): كُلْ فقد خرجتَ من البلد، فقلتُ له: وأنت في هذا المقام وتغسل الثياب في الأسواق؟ فقال: لا تَرْفَعْ رأسَكَ ولا تَنْظُر إِلى شيءٍ من عملك، وكُنْ عبدًا لله ولو (٢) استعملك في الحش (٣) فارضَ به، ثم قال [من الطويل]

ولو قيلَ (٤) لي مُتْ قلتُ سمعًا وطاعةً … وقلتُ لداعي الموتِ أهلًا ومرحبا

وقال اجتزت مرة في سياحتي براهبٍ في صومعة فقال لي: يا مسلم ما أقربَ الطرق (٥) عندكم (٦) إِلى الله ﷿؟ قلتُ: مخالفة النفس، قال فرد رأسه إِلى صومعته، فلما كنت بمكة زمن الحج إِذا رجلٌ يسلم علي عند الكعبة فقلت: من أنت؟ فقال (٧) أنا الراهب، قلت: بم وصلت إِلى ها هنا؟ قال: بالذي قلت [لي]. وفي رواية [أَنَّه قال:] عرضتُ الإِسلام على نفسي فأبت (٨)، فعلمتُ أنه حقٌّ فأسلمتُ وخالفتُها، فأفلح وأنجح.

وقال بينا أنا ذات يوم بجبل لبنان (٩) إِذ حرامية الفرنج فأخذوني فقيدوني وشدّوا وثاقي فكنت عندهم في أضيق حالٍ، فلما كان النهارُ شربوا وناموا، فبينا أنا موثوق إِذ حرامية (١٠) المسلمين قد أقبلوا نحوهم فأنبهتهم فلجؤوا إِلى مغارة هنالك فسلموا من أولئك المسلمين، فقالوا: كيف فعلت هذا وقد كان خلاصك على أيديهم؟ فقلتُ إِنكم أطعمتموني فكان من حقّ الصحبة أن لا أغشَّكم، فعرضوا علي شيئًا من متاعِ الدنيا فأبيت وأطلقوني (١١).

وحكى السبط (١٢) قال: زرتُه مرةً ببيت المقدس وكنت قد أكلت سمكًا مالحًا، فلما جلستُ عنده


(١) أ، ب: وقال.
(٢) ط: فإِن.
(٣) ط: في الجيش. وفي المرآة في الخش. وكلاهما تحريف.
(٤) في مرآة الزمان: ولو قلت لي.
(٥) أ، ب: في صومعته فقال لي يا مسلم ما أقرب الطريق.
(٦) ب: الطريق عليكم إِلى الله.
(٧) أ، ب: قال.
(٨) أ، ب: فأبته.
(٩) أ، ب: قال: وبينا أنا ذات ليلة على جبل لبنان.
(١٠) أ، ب: حراسة.
(١١) أ، ب: فأطلقوني.
(١٢) مرآة الزمان (٨/ ٤٥٦) برواية أخرى مختلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>