للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسين (١) وأربعمئة، فأمر الخليفة المستنصر بإِعادته إِلى ما كان عليه، وقد تكلمتِ الروافضُ في الاعتذار عن حريقِ هذا المشهدِ بكلامٍ طويلٍ باردٍ لا حاصل له، وصنفوا فيه أجزاء (٢) وأنشدوا أشعارًا كثيرة لا معنى لها، وهو المشهد الذي يزعمون أنه يخرج منه المنتظر الذي لا حقيقةَ له، فلا (٣) عين ولا أثر، ولو لم يبن لكان أجدر (٤)، وهو الحسن بن علي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر (٥) بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بكربلاء ابن علي بن أبي طالب أجمعين، وقبح من يغلو فيهم ويبغض بسببهم من هو أفضل منهم.

وكان المستنصر كريمًا حليمًا رئيسًا متوددًا إِلى الناس، وكان جميلَ الصورة حسنَ الأخلاق بهيَّ المنظر، عليه نورُ بيتِ النبوّة وأرضاه.

وحُكي (٦) أنه اجتاز راكبًا في بعض أزقّة بغداد قبل غروب الشمس من رمضان، فرأى شيخًا كبيرًا ومعه إِناءٌ فيه طعامٌ قد حمله من محلةٍ إِلى محلةٍ أخرى. فقال: أيها الشيخ لم لا أخذت الطعام من محلّتك؟ أو أنت محتاجٌ تأخذ (٧) من المحلَّتين؟ فقال: لا والله يا سيدي - ولم يعرفْ أنه الخليفةُ - ولكنّي شيخٌ كبيرٌ، وقد نزل بي الوقتُ، وأنا (٨) أستحيي من أهل محلتي أن أزاحمهم وقت الطعام، فيشمت بي من كان يبغضني، فأنا أذهب إِلى غير محلتي فآخذ الطعام وأتحين (٩) وقتَ كون الناس في صلاةِ المغربِ فأدخل بالطعام إِلى منزلي بحيث (١٠) لا يراني أحدٌ. فبكى الخليفةُ وأمر له بألف دينار، فلما دُفعت إِليه فرح الشيخُ فرحًا شديدًا حتَّى قيل إِنه انشقَّ قلبُه من شدّة الفرح، ولم يعش بعد ذلك إِلا عشرين يومًا، ثم مات فحملت (١١) الألف دينار إِلى الخليفة، لأنه لم يترك (١٢) وارثًا. وقد أنفق منها دينارًا واحدًا، فتعجّب


(١) أ، ب: في حدود خمس وأربعمئة.
(٢) ط: وصنفوا فيه أخبارًا.
(٣) ب: ولا عين.
(٤) أ، ب: أجود.
(٥) ط: "جعفر الصادق بن علي بن محمد بن الباقر" وهو تخليط قبيح (بشار).
(٦) أ، ب: حكي؛ بلا واو.
(٧) ب: فتأخذ.
(٨) أ، ب: فأنا.
(٩) ب: وأستحين وقت لهذا. وفي أ: وأتحين أكبر وقت.
(١٠) أ، ب: حيث.
(١١) ط: فحلف.
(١٢) أ، ب: لم يخلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>