للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلقمي (١) المشؤوم على نفسه، وعلى أهل بغداد، والذي (٢) لم يعصم المستعصم في وزارته، فإِنه لم يكن وزير صدقٍ ولا مرضيَّ الطريقة، فإِنه هو الذي أعان على المسلمين في قضية هولاكو (٣) وجنوده قبحه الله وإِياهم، وقد كان ابن العلقمي قبل هذه الوزارة أستاذ دار الخلافة، فلما مات نصير (٤) الدين محمد (٥) بن الناقد استوزر ابن العلقمي وجعل مكانه في الاستادارية الشيخ محيي الدين يوسف بن أبي الفرج بن الجوزي، وكان من خيار الناس، وهو واقف الجوزية التي بالنشابين (٦) بدمشق تَقَبَّلَ الله منه.

وفيها: جعل الشيخ شمس الدين علي بن محمد بن الحسين بن النيار (٧) مؤدب الخليفة شيخ الشيوخ ببغداد، وخلع عليه، ووكل الخليفة عبد (٨) الوهاب ابن المطهر وكالة مطلقة، وخلع عليه.

وفيها: كانت وقعة عظيمة بين الخوارزمية الذين كان الصالح أيوب صاحب مصر استقدمهم ليستنجد بهم على الصالح إِسماعيل أبي الحسن صاحب دمشق، فنزلوا على غزة وأرسل إِليهم الصالح أيوب الخلع والأموال (٩) والأقمشة والعساكر، فاتفق الصالح إِسماعيل والناصر داود صاحب الكرك، والمنصور صاحب حمص، مع الفرنج واقتتلوا مع الخوارزمية قتالًا شديدًا، فهزمتهم الخوارزمية كسرةً منكرةً فظيعةً، هُزمت الفرنجُ بصلبانها وراياتها العالية، على رؤوس أطلاب المسلمين، وكانت كؤوس الخمر دائرة بين الجيوش فنابت (١٠) كؤوس المنون عن كؤوس الزَّرَجُون (١١)، فقتل من الفرنج في يوم واحد زيادة عن ثلاثين ألفًا (١٢)، وأسروا جماعة من ملوكهم وقسوسهم وأساقفتهم (١٣)، وخلقًا من أمراء المسلمين، وبعثوا بالأسارى إِلى الصالح أيوب بمصر، وكان يومئذ يومًا مشهودًا وأمرًا محمودًا، ولله الحمد. وقد قال بعض أمراء المسلمين: قد علمت أنّا لما وقفنا تحت صلبان الفرنج أنا لا نفلح. وغنمت الخوارزمية من الفرنج ومن كان معهم شيئًا كثيرًا، وأرسل الصالح أيوب إِلى دمشق ليحاصرها، فحصنها الصالح


(١) سترد ترجمة ابن العلقمي في وفيات سنة ٦٥٦ هـ من هذا الجزء.
(٢) ط: الذي. بلا واو.
(٣) ب: قصة هولاؤو.
(٤) ط: نصر الدين.
(٥) كذا في الأصول، وسترد ترجمة ابن الناقد في وفيات هذه السنة ٦٤٢ هـ.
(٦) يسمى النشابون في عصرنا. (سوق الخياطين).
(٧) سترد ترجمة ابن النيار في وفيات سنة ٦٥٦ هـ من هذا الجزء.
(٨) أ، ب: بهاء الدين عبد الوهاب.
(٩) أ، ب: الأموال والخلع.
(١٠) أ، ب: فصارت.
(١١) أ، ب: عن تلك الخمور والزّرجون: الخمر. اللسان (زرجن).
(١٢) ط: ألف، وما هنا موافق للسياق النحوي.
(١٣) أ، ب: من ملوكهم وأساقفتهم وقسوسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>