للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصيف حتى يسمعوا ميعاده، ثم يسرعون إلى بساتينهم فيتذاكرون ما قاله من الفوائد والكلام الحسن، على طريقة جده.

وقد كان الشيخ تاج الدين الكندي (١)، وغيره من المشايخ، يحضرون عنده تحت قبة يزيد، التي عند باب المشهد، ويستحسنون ما يقول. ودرس بالعزِّية (٢) البرانية التي بناها الأمير عز الدين أيبك المعظمي، أستاذ دار المعظم، وهو واقف العزية الجوانية التي بالكشك أيضًا، وكانت قديمًا تعرف بدرب (٣) ابن منقذ.

ودرس السبط أيضًا بالشبلية (٤) التي بالجبل عند جسر كحيل، وفوض إليه البدرية (٥) التي قبالتها، فكانت (٦) سكنه، وبها توفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة، وحضر جنازته سلطان البلد الناصر (٧) ابن العزيز فمن دونه.

وقد أثنى عليه الشيخ شهاب الدين أبو شامة (٨) في علومه وفضائله ورئاسته وحسن وعظه وطيب صوته ونضارة وجهه، وتواضعه وزهده وتودده، لكنه قال: وقد كنت مريضًا ليلة وفاته فرأيت وفاته في المنام قبل اليقظة، ورأيته في حالة منكرة (٩)، ورآه غيري أيضًا، فنسأل (١٠) الله العافية. ولم أقدر على حضور جنازته، وكانت جنازته حافلة (١١) حضره خلق كثير السلطان فمن دونه (١٢)، ودفن هناك.

وقد كان فاضلًا عالمًا ظريفًا منقطعًا منكرًا على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات، وقد كان (١٣) مقتصدًا في لباسه مواظبًا على المطالعة والاشتغال والجمع والتصنيف، منصفًا لأهل العلم والفضل، مباينًا لأولي الجهل، وتأتي الملوك وأرباب الدول (١٤) إليه زائرين وقاصدين، ورُبّي في طول زمانه في


(١) سترد ترجمته في وفيات سنة ٦٥٥ هـ من هذا الجزء.
(٢) أ، ب: بالغزالية؛ وهو خطأ، وقد ذكر بدران هذه المدرسة في منادمة الأطلال (١٨٥).
(٣) ط: بدور.
(٤) لم يبق منها إلا آثار ومقام في ساحة الميسات على ضفة النهر.
(٥) ذكر المدرسة في منادمة الأطلال (١٥٣).
(٦) أ، ب: وكانت.
(٧) أ، ب: الملك بن العزيز.
(٨) ذيل الروضتين (١٥٨).
(٩) أ، ب: نكرة.
(١٠) أ، ب: لذلك نسأل.
(١١) أ، ب: وكانت جنازته حفلة حصر وخلق.
(١٢) ط: حضره السلطان والناس.
(١٣) أ، ب: وكان.
(١٤) ط: وأرباب المناصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>