للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما نودي ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير (١) والقنى والمقابر كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم (٢)، وقد أنكر بعضهم بعضًا فلا يعرف الوالد ولده ولا الأخ أخاه، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى، واجتمعوا تحت الثرى (٣) بأمر الذي يعلم السرَّ وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى. وكان رحيل السلطان المسلط هولاكوخان (٤) عن بغداد في جمادى الآخرة من هذه السنة إلى مقرّ ملكه، وفوض أمر بغداد إلى الأمير علي بهادر، فوض إليه الشحنكية بها وإلى الوزير ابن العلقمي فلم (٥) يمهله الله ولا أهمله، بل أخذه أخذَ عزيزٍ مقتدر، في مستهل جمادى الآخرة عن ثلاثة وستين سنة، وكان عنده فضيلة في الإنشاء ولديه فضيلة في الأدب (٦)، ولكنه كان شيعيًا جلدًا رافضيًا خبيثًا، فمات جهدًا (٧) وغمًا وحزنًا وندمًا:

إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم (٨)

فولي بعده الوزارة ولده عز الدين أبو الفضل محمد (٩)، فألحقه الله بأبيه في بقية هذا العام، ولله الحمد والمنة.

وذكر أبو شامة (١٠) وشيخنا أبو عبد الله الذهبي (١١) وقطب الدين اليونيني (١٢) أنه أصاب الناس في هذه السنة بالشام وباءٌ شديد، وذكروا أن سبب ذلك من فساد الهواء والجو (١٣)، فسد من كثرة القتلى ببلاد العراق وانتشر حتى تعدى إلى بلاد الشام فالله أعلم.


(١) أ، ب: ولما نودي ببغداد الأمان خرج من كان تحت الأرض بالمطامير.
(٢) أ، ب: القبور.
(٣) أ، ب: فتفانوا ولحقوا ممن سلف من القتلى فاجتمعوا في البلى.
(٤) أ، ب: هولاكوقان.
(٥) أ: لم يمهله، ب: لا يمهله.
(٦) أ، ب: فضيلة وأدب.
(٧) أ، ب: ولكنه كان شيعيًا جلدًا خشيًا رافضيًا فمات كمدًا وغمًا.
(٨) هذا عجز بيت لزهير بن أبي سلمى وصدره:
فشدّ ولم يُفْزع بيوتًا كثيرة … لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم
شرح ديوانه (٢٧) واللسان (قشعم).
(٩) ط: عز الدين بن الفضل محمد. ولم أجد له ترجمة.
(١٠) ذيل الروضتين (٢٠٠).
(١١) تاريخ الإسلام (١٤/ ٦٧٧).
(١٢) ذيل مرآة الزمان (١/ ١٧٤).
(١٣) أ، ب: في الجو.

<<  <  ج: ص:  >  >>