للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو محمد وأبو القاسم المقدسي الشيخ الإمام العالم الحافظ المحدث الفقيه المؤرخ المعروف بأبي شامة. شيخ دار الحديث الأشرفية، ومدرس الركنية، وصاحب المصنفات العديدة المفيدة، له "اختصار تاريخ دمشق" في مجلدات كثيرة، وله "شرح الشاطبية"، وله "الرد إلى الأمر الأول"، وله في "المبعث" (١) وفي "الإسراء"، وكتاب "الروضتين في الدولتين النورية والصلاحية"، وله "الذيل على ذلك"، وله غير ذلك من الفوائد الحسان والغرائب (٢) التي هي كالعقيان. ولد ليلة الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمسمئة، وذكر لنفسه ترجمة في هذه السنة في الذيل (٣)، وذكر مرباه ومنشأه، وطلبه العلم، وسماعه الحديث، وتفقهه على الفخر بن عساكر (٤) وابن عبد السلام (٥)، والسيف الآمدي (٦)، والشيخ موفق الدين بن قدامة (٧)، وما رُئي له من المنامات الحسنة. وكان ذا فنون كثيرة.

أخبرني [الشيخ] علَم الدين البرزالي (٨) الحافظ عن الشيخ تاج الدين الفزاري (٩)، أنه كان يقول: بلغ الشيخ شهاب الدين أبو شامة رتبة الاجتهاد، وقد كان ينظم أشعارًا في أوقات، فمنها ما هو مستحلى، ومنها ما لا يستحلى، فالله يغفر لنا وله.

وبالجملة فلم يكن في وقته مثله في نفسه وديانته، وعفته وأمانته، وكانت وفاته بسبب محنة (١٠) ألَّبوا عليه، وأرسلوا إليه من اغتاله وهو بمنزل له بطواحين الأشنان، وقد كان اتُّهم برأي، الظاهر براءته منه، وقد قال جماعة من أهل الحديث وغيرهم: إنه كان مظلومًا، ولم يزل يكتب في التاريخ حتى وصل إلى


= (٧/ ٥٥٣ - ٥٥٥) رحمك الله يا أبا شامة وأسكنك فسيح جناته فقد كنت عونًا لي على حل كل مشكلة على مدى خمس وستين سنة من هذا الكتاب الضخم وأسأله تعالى أن يثيبك كفاء ذلك وأن يجمعني معك في مستقرّ رحمته وفرطنا على الحوض محمد .
(١) أ، ب: البعث؛ وهو تحريف. والخبر في ذيل مرآة الزمان.
(٢) أ، ب: والفوائد.
(٣) لم أجد هذه الترجمة في الذيل في هذه السنة ولكن أبا شامة دأب أن يذكر في كل سنة ما يجدّ معه من الأحداث، وكل ما ذكره في عام ٦٦٥ إشارة سريعة ومبهمة إلى حادثة طواحين الأشنان.
(٤) تقدمت ترجمة ابن عساكر في وفيات سنة ٦٢٠ هـ من هذا الجزء.
(٥) تقدمت ترجمة العز بن عبد السلام في وفيات سنة ٦٦٠ هـ من هذا الجزء.
(٦) تقدمت ترجمة السيف الآمدي في وفيات سنة ٦٣١ من هذا الجزء.
(٧) تقدمت ترجمة ابن قدامة في وفيات سنة ٦٢٠ من هذا الجزء.
(٨) سترد ترجمة علم الدين البرزالي في الجزء الأخير من هذا الكتاب في وفيات سنة ٧٣٩ إن شاء الله.
(٩) سترد ترجمة تاج الدين الفزاري في وفيات سنة ٦٩٠ هـ من هذا الجزء إن شاء الله.
(١٠) أ، ب: بسبب جماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>