للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى زاويته في الأسبوع مرةً أو مرتين، ويستصحبه معه في كثير من أسفاره، ويلزمه (١) ويحترمه ويستشيره فيشير عليه برأيه ومكاشفاتٍ صحيحيةٍ مطابقةٍ، إما رحمانية أو شيطانية، أو حال استعادة (٢)، لكنه افتتن لما خالط الناس ببعض بنات الأمراء، وكن لا يحتجبن منه، فوقع في الفتنة. وهذا في الغالب واقع في مخالطة الناس فلا يسلم المخالط لهم من الفتنة، ولا سيّما مخالطة النساء مع ترك الاحتجاب (٣)، فلا يسلم العبدُ ألبتة منهم. فلما وقع فيما (٤) وقع فيه حوقق عند السلطان وبَيْسَري وقلاوون والفارس أقطاي الأتابك، فاعترف، فهم بقتله فقال له: إنما بيني وبينك أيام قلائل، فأمر بسجنه فسُجن سنين عديدة من سنة إحدى وسبعين إلى سنة ست وسبعين، وقد هدم بالقدس كنيسة (٥) وذبح قسيسها وعملها زاوية، وقد قدمنا ترجمته قبل ذلك فيما تقدم، ثم لم يزل مسجونًا حتى مات في يوم الخميس سادس المحرم من هذه السنة، فأخرج من القلعة وسلم إلى قرابته فدُفن في تربةٍ أنشأها في زاويته. مات وهو في عشر الستين، وقد كان يكاشف السلطان في أشياء، وإليه تنسب قبة الشيخ خضر التي على الجبل غربي الربوة، وله زاوية بالقدس الشريف.

الشيخ محيي الدين النَّووي (٦)، يحيى بن شَرَف بن [مري] (٧) بن حسن بن حسين بن جمعة بن حِزام الحِزامي (٨) العالم، محيي الدين أبو زكريا النَّوَوي (٩) ثم الدمشقي الشافعي العلامة شيخ المذهب، وكبير الفقهاء في زمانه.

ولد بنوَى سنة إحدى وثلاثين وستمئة، ونَوى قرية من قرى حوران، وقد قدم دمشق سنة تسع


(١) أ: ويكرمه.
(٢) أ: أو حال استعادة.
(٣) ط: الأصحاب.
(٤) أ: وقع ما وقع.
(٥) أ: كنيسة عظيمة.
(٦) ترجمة - النووي - في ذيل مرآة الزمان (٣/ ٢٨٣ - ٢٩٢) وتاريخ الإسلام (١٥/ ٣٢٤ - ٣٣٢) والعبر (٥/ ٣١٢ - ٣١٣) والإشارة (٢٨٢) وتذكرة الحفاظ (١٤٧٠ - ١٤٧١) وفوات الوفيات (٤/ ٢٦٤ - ٢٦٨) وطبقات الإسنوي (٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧) وطبقات الشافعية الكبرى (٨/ ٣٩٥) والنجوم الزاهرة (٧/ ٢٧٨) والدليل الشافي (٢/ ٧٧٥) والدارس (١/ ٢٤) وشذرات الذهب (٧/ ٦١٨ - ٦٥١).
(٧) ليست في الأصول واستدركت عن مصادره، والضبط في تاج العروس: مِرَى، والنجوم الزاهرة، وهي في الشذرات: مُري. وقال الزركلي : مُري بضم الميم وكسر الراء كذا وجد مضبوطًا بخطه. الأعلام (٩/ ١٨٥).
(٨) في ط: الحازمي؛ تحريف. والحزامى: بحاء مهملة مكسورة بعدها زاي معجمة. الإسنوي.
(٩) النواوي يجوز إثبات الألف وحذفها كما في الدارس والشذرات. وقال الزركلي : كان يكتبها هو بغير الألف. وقد أثبت نموذجًا من خطه. الأعلام (٩/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>