للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنيةٌ له، فلبسها وصلى بها الجمعة وسلم على الأمراء فأكرموه (١) وعظموه، وفرح الناس به وبما وقع من الصفح عنهم.

وأما سُنْقُر الأشقر فإنه لما خرجت العساكر في طلبه فارق الأمير عيسى بن مهنا (٢) وسار إلى السواحل فاستحوذ منها على حصون كثيرة، منها صِهْيُون، وقد كان بها أولاده وحواصله، وحصن بَلَاطُنُس (٣) وبُرْزَية وعَكا وجَبَلة واللَّاذقية، والشُّغْر (٤) بَكَاس (٥) وشَيْزر، واستناب فيها الأمير عز الدين ازْدَمُر (٦) الحاج. فأرسل السلطان المنصور لحصار شيزر طائفة من الجيش، فبينما هم كذلك إذ أقبلت التتار (٧) لما سمعوا بتفريق كلمة المسلمين (٨)، فانجفل الناس من بين أيديهم (٩) من سائر البلاد إلى الشام، ومن الشام إلى مصر، فوصلت التتار إلى حلب فقتلوا خلقًا (كثيرًا)، ونهبوا شيئًا (١٠) كبيرًا، وظنوا أن جيش سنقر الأشقر يكون معهم على المنصور، فوجدوا الأمر بخلاف ذلك، وذلك أن المنصور كتب إلى سنقر أنَّ التتار قد أقبلوا إلى المسلمين، والمصلحة أن (١١) نتفق عليهم لئلا يهلك المسلمون بيننا وبينهم، وإذا ملكوا البلاد لم يدعوا منا أحدًا. فكتب إليه سنقر بالسمع والطاعة وبرز من حصنه فخيم بجيشه ليكون على أهبة متى طلب أجاب، ونزلت نوابه من حصونهم (١٢) وبقوا مستعدين لقتال التتار، وخرج الملك المنصور من مصر في أواخر (١٣) جمادى الآخرة ومعه العساكر.


(١) ب: فأكرمه وعظموه وفرح الناس مما وقع من الصفح عنهم وإقامتهم في أوطانهم ولله الحمد.
(٢) ب: وأما سنقر الأشقر فإنه لما خرجت البريدية في طلبه فارق الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا.
(٣) ط: بلاطس؛ وهو تحريف. وبلاطُنُس - بضم الطاء والنون والسين مهملة حصن منيع بسواحل الشام مقابل اللاذقية. معجم البلدان (١/ ٤٧٨) والنجوم الزاهرة (٧/ ٢٩٨).
(٤) الشُّغْرُ بضم أوله، وسكون ثانيه، وآخره راء قلعة حصينة مقابلها أخرى يقال لها بَكاس على رأس جبلين بينهما واد كالخندق وهما قرب أنطاكية. معجم البلدان (٣/ ٣٥٢ و ١/ ٤٧٤).
(٥) كذا في الأصول جميعًا: الشغر بكاس. بدون عطف وكأنه اسم مركب. قال بشار: الصواب: الشغر وَبكاس، قال ابن عبد الحق في مراصد الاطلاع (١/ ٢١٣) "بكاس بتخفيف الكاف، قلعة من نواحي حلب .. تقابلها قلعة أخرى يقال لها الشُّغر، بينهما واد كالخندق يقال له الشُّغر وَبكَاس معطوف، لا يكادون يفردون واحدة منهما".
(٦) سيرد شيء من أخباره ووفاته في أخبار سنة ٦٨٠ من هذا الجزء.
(٧) أ: التتار من كل فج لما سمعوا.
(٨) ب: فيما بينهم فانجفل الناس.
(٩) أ: من أيديهم، ب: الناس بين أيديهم.
(١٠) ط: ونهبوا جيشًا كبيرًا.
(١١) أ، ب: أننا نتفق.
(١٢) ب: حصونهم لذلك.
(١٣) ب: وخرج للسلطان في أواخر جمادى الآخرة من ديار مصر ومعه العساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>