للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجالق (١) وغيرهم، فأخبروا الناس بما شاهدوه من الهزيمة في أول الأمر، ولم يكونوا شاهدوا [ما] بعد ذلك، فبقي الناس في قلق عظيم، وخوف شديد، وتهيأ ناس كثير للهرب (٢)، فبينما الناس في ذلك إذ أقبلت (٣) البريدية فأخبروا الناس بصورة ما وقع في أول الأمر وآخره، فتراجع الناس وفرحوا فرحًا شديدًا (٤)] ولله الحمد والمنة.

ثم دخل (٥) السلطان إلى دمشق الثاني والعشرين من رجب، وبين يديه الأسارى بأيديهم الرماح عليها شعف (٦) رؤوس القتلى (٧)، وكان يومًا مشهودًا، ومع السلطان طائفةٌ من أصحاب سنقر الأشقر منهم علم الدين الدُّوَيْداري فنزل السلطان بالقلعة مؤيدًا منصورًا (٨)، وقد كثرت له المحبة والأدعية وكان سنقر الأشقر ودَّع السلطان من حمص ورجع إلى صهيون، وأما التتر فإنهم اتهزموا في أسوأ حال وأتعسه يُتَخَطَّفون من كل جانب، ويُقْتَلون من كل فج، حتى وصلوا إلى الفرات فغرق أكثرهم، ونزل إليهم أهل البيرة فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وأسروا آخرين (٩)، والجيوش في آثارهم يطردونهم عن البلاد حتى أراح الله منهم الناس.

وقد استشهد في هذه الوقعة جماعةٌ من سادات الأمراء منهم الأمير الكبير الحاج عز الدين أزْدَمُر الجَمَدار، وهو الذي جرحَ ملكَ التتار يومئذ منكوتمر، فإنه خاطر بنفسه وأوهم أنه مقفز إليه وقلب رمحه حتى وصل إليه فطعنه فجرحه فقتلوه ، ودفن بالقرب من مشهد خالد (١٠).

وخرج السلطانُ من دمشق قاصدًا للديار المصرية يوم الأحد ثاني شعبان والناس يدعون له (١١)، وخرج معه علم الدين الدُّوَيْداري، ثم عاد من غزة وقد ولاه الشَّدَّ (١٢) في الشام والنظر في المصالح، ودخل السلطان إلى مصر في ثاني عشر شعبان (١٣).


(١) الجالق هو بيبرس العجمي تقدم التعريف به. وسترد ترجمته في وفيات سنة ٧٠٧ هـ من الجزء التالي.
(٢) ب: للهزيمة.
(٣) ب: إذا جاءت.
(٤) ب: وتمت الفرحة ولله الحمد.
(٥) ب: ودخل السلطان الملك المنصور أيده الله تعالى إلى دمشق يوم الجمعة الثاني والعشرين من رجب.
(٦) في ط: الشقف. والشعف: جمع شعفة وهي خصلة في الرأس. القاموس (شعف).
(٧) ب: القتلى من التتار.
(٨) ب: بالقلعة المنصورة مؤيدًا منصورًا مسرورًا محبورًا.
(٩) ب: وأسروا منهم آخرون: وفيها خطأ نحوي.
(١٠) ب: خالد بن الوليد.
(١١) ب: إلى الديار المصرية .. والناس يدعون له ويستوحشون منه.
(١٢) شدّ الدواوين موضوعها أن يكون صاحبها رفيقًا للوزير متحدثًا في استخلاص الأموال وما في معنى ذلك. صبح الأعشى (٤/ ٢٢) والنجوم الزاهرة (٧/ ٦٤).
(١٣) ودخل السلطان إلى الديار المصرية في عشرين شعبان ولي قضاء القاهرة ومصر القاضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>