للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودُقَّت بمصر البشائر، وزُيِّنت البلد، وخُطب له على المنابر، وبالقدس والخليل، ولُقّب بالملك المنصور، وكذلك دقت له البشائر بالكراك (١) ونابلس وصفد، وذهبت إليه طائفة من أمراء دمشق، وقدمت التجريدة من جهة الرحبة صحبة الأمير سيف الدين كجكن (٢) فلم يدخلوا البلد بل نزلوا بميدان الحصى (٣)، وأظهروا (٤) مخالفة العادل وطاعة المنصور [لاجين صاحب مصر، وركب إليه الأمراء طائفةً بعد طائفة، وفوجًا بعد فوج] (٥)، تقوّى أمر المنصور وضعف (٦) أمر العادل (جدًّا)، فلما رأى انحلال أمره قال للأمراء: هو خشداشي (٧) أنا وهو شيء واحد، وأنا سامعٌ له مطيعٌ، وأنا أجلس في أي مكان من القلعه (٨) أراد، حتى تكاتبوه وتنظروا ما يقول. وجاءت البريدية بالمكاتبات بالأمر بالاحتياط (٩) على القلعة وعلى العادل وبقي الناس في هرج وأقوال (١٠) ذات ألوان مختلفة، وأبواب القلعة مغلقة، وأبواب البلد سوى باب النصر إلا الخوخة، والعامة حول القلعة قد ازدحموا حتى سقطت طائفة منهم بالخندق (١١) فمات بعضهم، وأمسى الناس عشية السبت وقد أعلن باسم الملك المنصور لاجين، ودُقَّت البشائر بذلك بعد العصر ودعا له المؤذنون في سحر ليلة الأحد بجامع دمشق، وَتَلوْا قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: ٢٦].

وأصبح الناس يوم الأحد فاجتمع القضاة والأمراء وفيهم غرلو العادلي بدار السعادة فحلفوا للمنصور لاجين، ونودي بذلك في البلد، وأن يفتح الناس دكاكينهم، واختفى الصاحب شهاب الدين وأخوه زين الدين المحتسب، فعمل الوالي ابن النشابي حسبة البلد، ثم ظهر زين الدين فباشرها على عادته. وكذلك ظهر أخوه شهاب الدين، وسافر نائب البلد غرلو والأمير جاغان (١٢) إلى الديار المصرية يعلمان السلطان


(١) كجكن؛ في الدرر الكامنة (٣/ ٢٦٥).
(٢) أ: وكذلك بالكرك، وفي ب: وكذلك دقت البشائر بالكرك.
(٣) ط: بميدان الحصن.
(٤) ب: وأظهروا مملكة المنصور لاجين.
(٥) ليس ما بينها في أ.
(٦) ط و أ: فضعف.
(٧) خشداش وهو معرب اللفظ الفارسي (خوجاتاش) أي الزميل في الخدمة والخشداشية - في اصطلاح عصر المماليك بمصر -: الأمراء الذين نشؤوا مماليك عند سيد واحد فبقيت بينهم رابطة الزمالة القديمة. هامش النجوم الزاهرة (٧/ ١٠).
(٨) ب: من أي مكان كان قلعة حتى تكاتبوه.
(٩) ب: بأمر الاحتياط على القلعة وعلى الملك العادل.
(١٠) ب: وأقوال مختلفة وأبواب القلعة مغلقة سوى باب النصر وباب القلعة أيضًا وإنما الخوخة.
(١١) ب: حتى سقط منهم طائفة في الخندق فمات.
(١٢) ب: جاعان، وما هنا من أ وخط الذهبي في تاريخ الإسلام (١٥/ ٦٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>