للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عز الدين بن عبد السّلام، ثم قدم دمشقَ قاضيًا في سنة سبع وثمانين وستمئة، وكان مولده تقريبًا في سنة تسع وعشرين وستمئة. وأقام شعار مذهب مالك وعمر الصَّمْصَاميَّة في أيامه وجدَّد عمارة النُّوريَّة (١)، وحدَّث "بصحيح مسلم" و "موطأ مالك" عن يَحْيَى بن يَحْيَى (٢) عن مالك، وكتاب "الشِّفَا" (٣) للقاضي عِيَاض (٤)، وعزل قبل وفاته بعشرين يومًا عن القضاء، وهذا من خيره حيث لم يمُت قاضيًا، توفي بالمدرسة الصَّمْصَامية يوم الخميس التاسع من جمادى الآخرة. وصُلِّي عليه بعد الجمعة ودفن بمقابر باب الصغير تجاه مسجد النارنج (٥)، وحضر الناس جنازته وأثنَوْا عليه خيرًا، وقد جاوز الثمانين كمالك . ولم يبلغ (٦) إلى سبعةَ عشرَ من عمره على مقتضى مذهبه أيضًا.

القاضي الصَّدر الرَّئيس (٧): رئيسُ الكتَّاب شرف الدين أبو محمد عبد الوهاب بن جمال الدين فضل الله بن مُجَلِّي (٨) القرشي العدويّ العُمَريُّ (٩).

ولد سنة تسع (١٠) وعشرين وستمئة، وسمع الحديث وخدم وارتفعت منزلته حتى كتب الإنشاء بمصرَ، ثم نقل إلى كتابة السرّ بدمشق إلى أن توفي في ثامن رمضان، ودفن بقاسيون، وقد قارب التِّسعين، وهو متمتع بحواسه وقواه، وكانت له عقيدة حسنة في العلماء ولا سيّما في ابن تيمية وفي الصُّلحاء . وقد رثاه الشّهاب محمودُ كاتب السر بعده بدمشق (١١)، وعلاء الدين بن غانم، وجمال الدين بن نباتة.


(١) موضعها كان يسمى بالخواصين، وكان موضعها قديمًا دارًا لمعاوية بن أبي سفيان أنشأها نور الدين محمود بن زنكي. منادمة الأطلال (ص ٢١٢).
(٢) هو يحيى بن يحيى بن كثير بن دسلاس، فقيه الأندلس، أبو محمد الليثي، الأندلسي، القرطبي، راوي الموطأ، توفي سنة (٢٣٤) هـ.
(٣) الشّفا بتعريف حقوق المصطفى. مطبوع. عدة طبعات، وهو كتاب عظيم.
(٤) القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي أبو الفضل، عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته. توفي بمراكش مسمومًا سنة (٥٤٤ هـ). قيل: سمّه يهودي. الأعلام (٥/ ٩٩) وثمة مصادر ترجمته.
(٥) في ط: التاريخ. وسبق الكلام عليه.
(٦) أي لم يدخل في سنن البلوغ.
(٧) ترجمته في فوات الوفيات (٢/ ٤٢١) والدرر الكامنة (٢/ ٤٢٨ - ٤٢٩) والنجوم الزاهرة (٩/ ٢٤٠) وشذرات الذهب (٦/ ٤٦).
(٨) في ط وأ: الحلبي، وأثبتنا ما في ب والمصادر السابقة.
(٩) في ط: المعمري. وهو تحريف.
(١٠) في المصادر السابقة: ثلاث وعشرون.
(١١) القصيدة طويلة مطلعها:
لتبكِ المعالي والنُّهى الشرف الأعلى … وتبكي الورى الإحسانَ والحلم والفضلا
الفوات (٢/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>