للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرَ مثله من دهر طويل، فخرَّب دورًا كثيرة نحوًا من ذراع أو أكثر، وغرَّق جماعة وكسر أبواب المسجد، ودخل الكعبة وارتفع فيها نحوًا من ذراع أو أكثر، وجرى أمرٌ عظيم حكاه الشيخ عفيف الدين الطبري.

وفي سابع عِشْرين من جُمادى الأولى عُزل القاضي جلال الدين عن قضاء مصرَ، واتّفق وصولُ خبر موت قاضي الشام ابن المجد بعد أن عزل بيسير، فولاه السلطان قضاءَ الشام فسار إليها راجعًا عَودًا على بدءٍ، ثم عزل السُّلطان برهان الدين بن عبد الحق قاضي الحنفية، وعزل قاضي الحنابلة تقي الدين، ورُسم على ولده صدر الدين بأداء ديون النَّاس إليهم، وكانت قريبًا من ثلثمئة ألف، فلمّا كان يوم الإثنين تاسعَ عشرَ جُمادى الآخرة بعد سفر جلال الدين بخمسة أيام، طلب السُّلطانُ أعيانَ الفقهاء إلى بين يديه فسألهم عمَّن يصلح للقضاء بمصرَ، فوقع الاختيار على القاضي عز الدين بن جماعة، فولاه في الساعة الراهنة (١)، وولَّى قضاء الحنفية لحسام الدين حسن بن محمد الغوري قاضي بغداد، وخرجا من بين يديه إلى المدرسة الصَّالحيَّة، وعليهما الخِلَعُ، ونزل عز الدين بن جماعة عن دار الحديث الكاملية لصاحبه الشيخ كمال الدين (٢) الدِّمياطي، فدرَّس فيها وأورد حديثَ "إنما الأعمال بالنيات" (٣). بسنده، وتكلَّم عليه.

وعزل أكثر نواب الحكم (٤) واستمرّ بعضهم واستمر بالمُنَاوي (٥) الذي أشار بتوليته.

ولما كان يوم خامس عشرين منه ولي قضاء الحنابلة الإمام العالم موفق الدين أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن عبد الملك المقدسي عوضًا عن المعزول، ولم يبقَ من القضاة سوى الأخْنائي المالكي.

وفي رمضان فتحت الصَّبابيَّة التي أنشأهَا شمس الدين بن تقي الدين بن الصباب التاجر دار قرآن ودار حديث، وقد كانت خربةً شنيعةً قبل ذلك (٦).


(١) الدرر الكامنة (٢/ ٣٨٠).
(٢) في ط: عماد الدين.
(٣) رواه البخاري رقم (١) في بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللَّه ورقم (٥٠٧٠) ومسلم أيضًا رقم (١٩٠٧) في الإمارة، باب: قوله : "إنما الأعمال بالنية". وأبو داود رقم (٢٢٠١) في الطلاق، و"الترمذي" (١٦٤٧) في فضائل الجهاد "والنَّسائي" (١/ ٥٨ - ٦٠) في الطَّهارة و"ابن ماجه" رقم (٤٢٢٧) في الزهد من حديث عمر بن الخطاب .
والحديث بتمامه: "إنما الأعمال بالنِّيَّات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله، فهجرته إلى اللَّه ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
(٤) لأنهم كانوا يتولّون بالمال، خصوصًا في البلاد. الدرر الكامنة (٢/ ٣٨٠).
(٥) في أ وط: المنادي وهو تصحيف. وهو: ضياء الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن المناوي الشافعي مات سنة (٧٤٦) هـ. الدرر (٣/ ٢٨٥) والشذرات (٦/ ١٥٠).
(٦) الدارس (١/ ١٢٨) وهي: قبلي العادلية الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>