للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم الإثنين مستهلّ ذي القعدة، وزُيِّنت البلد يوم الأحد ثالث عشرين منه، واحتفل النَّاس بالزينة.

وفي يوم الخميس المذكور دخل الأمير سيف الدين آل مَلَك (١) أحد الرّؤوس المشهورة بمصر إلى دمشقَ في طلب نيابة حماة حرسها اللَّه تعالى.

فلما كان يوم الجمعة بعد الصَّلاة ورد البريد من الديار المصرية فأخبر أن طَشْتَمُر الحمّص الأخضر مسك، فتعجَّب النَّاسُ من هذه الكائنة كثيرًا (٢) فخرجِ مَنْ بدمشقَ من أعيان الأمراء أمير الحجِّ وغيره وخَيَّم بوطأَةِ بَرْزَةَ، وخرجِ إلى الحجِّ أميرٌ فأخبره بذلك وأمَّروه عن مرسوم السلطان أن ينوبَ بدمشقَ حتى يأتي المرسوم بما يعتمد أمير الحَجِّ فأجاب إلى ذلك وركب في الموكب يوم السبت السادس منه.

وأمّا الفخري فإنه لما تَنَسَّم هذا الخبر وتحقَّقَهُ وهو بالزَّعْقة (٣) فرَّ في طائفةٍ من مماليكه قريبٍ من ستين أو أكثر، فاخترق (٤)، وساق سوقًا حثيثًا، وجاءه الطلب من ورائه من الدّيار المصرية في نحو من ألف فارس، صحبةَ الأميرين: ألطَنْبُغَا المارِدَاني (٥)، ويَلْبُغَا اليَحْيَاوي (٦)، ففاتَهما وسَبَق، واعترض له نائب غرة في جُنْده فلم يقدر عليه، فسلَّطوا عليه العشيرات ينهبوه، فلم يقدروا عليه إلا في شيء يسير، وقَتَل منهم خلقًا، وقصد نحو صاحبه فيما يزعم الأمير سيف الدين أَيْدُغْمُش نائب حلب راجيًا منه أن ينصره، وأن يوافقه على ما قام بنفسه، فلمَّا وصل أكرمه وأنزلَهُ، وبات عنده، فلمَّا أصبح قبض عليه وقيَّده وردَّه على البريد إلى الديار المصرية، ومعه التَّراسيم من الأمراء وغيرهم (٧).

ولمَّا كان يوم الإثنين (٨) سلخ ذي القعدة خرجَ السُّلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد بن المنصور من الديار المصرية في طائفةٍ من الجيش فاصدًا إلى الكَرَك المحروس، ومعه أموالٌ جزيلة، وحواصلُ وأشياءُ كثيرة، فدخلها يوم الثلاثاء من ذي الحِجَّة وصحبتُه طَشْتَمُر في محفة ممرّضًا، والفَخْريُّ مقيّدًا، فاعتُقِلا بالكَرَك المحروس، وطلب السلطان آلات من أخشاب ونحوها وحدادين وصُنَّاع ونحوها لإصلاح مهمات بالكرك، وطلب أشياء كثيرة من دمشق، فحُملت إليه (٩).


(١) في ط: الملك وهو تحريف. النجوم الزاهرة (١٠/ ٦٢).
(٢) الذيل ص (٢٢٧).
(٣) "الزَّعقة": مركز من مراكز البريد ما بين العريش ورفح. صبح الأعشى (١٤/ ٣٧٨).
(٤) في ط: احترق وهو تطبيع، والمراد: اخترق صفوف آق سنقر الذي كان ينتظره هناك النجوم (١٠/ ٦٥).
(٥) من خواص الناصر وزوج ابنته، ناب في حلب بعد طُقُزْدَمُر ومات فيها سنة (٧٤٤) هـ. الدليل الشافي (١/ ١٥١).
(٦) في ط: يبلغا التحناوي وهو تصحيف.
وهو: يَلْبُغَا بن عبد اللَّه اليَحْيَاوي نائب حماة ثم حلب ثم الشام، قتل سنة (٧٤٨ هـ) الدليل الشافي (٢/ ٧٩٣).
(٧) الدرر الكامنة (١/ ٤٢٦).
(٨) في النجوم الزاهرة (الأربعاء).
(٩) النجوم (١٠/ ٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>