للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل الشيخ أحمد الزُّرَعي (١) على السلطان الملك الصالح فطلب منه أشياء كثيرة، من تبطيل المظالم ومكوسات وإطلاق طبلخانات للأمير ناصر الدين بن بكتاش، وإطلاق أمراء محبوسين بقلعة دمشق وغير ذلك، فأجابه إلى جميع ذلك، وكان جملة المراسيم التي أجيب فيها بضعة وثلاثين مرسومًا.

فلما كان آخر شهر ربيع الآخر قدمت المراسيم التي سألها الشيخ أحمد من الملك الصالح، فأُمضيت كلُّها، أو كثير منها، وأُفرج عن صلاح الدين بن الملك الكامل، والأمير سيف الدين بُلُك (٢) في يوم الخميس سلخ هذا الشهر، ثم روجع في كثير منها وتوقف حالها.

وفي هذا الشهر عُملت منارة خارج باب الفرج، وفُتحت مدرسة كانت دارًا قديمة، فجعلت مدرسة للحنفية ومسجدًا، وعملت طَهَارة عامة، ومصلَّى للناس، وكل ذلك منسوب إلى الأمير سيف الدين طُقْتَمُر (٣) الخليلي أمير حاجب كان، وهو الذي جدَّد الدَّار المعروفة به اليوم بالقصَّاعين.

وفي ليلة الإثنين عاشر جُمادى الآخرة توفي صاحبُنا المحدث تقي الدين محمد بن صدر الدين سليمان الجَعْبَري (٤) زوج بنت الشيخ جمال الدين المِزّي، والد شرف الدين عبد اللَّه، وجمال الدين إبراهيم وغيرهم، وكان فقيهًا بالمدارس، وشاهدًا تحت السَّاعات وغيرها، وعنده فضيلة جيدة في قراءة الحديث وشيء من العربية، وله نظمٌ مستحسن، انقطع يومين وبعض الثالث وتوفي في الليلة المذكورة في وسط الليل، وكنت عنده وقت العشاء الآخرة ليلتئذ، وحدَّثني وضاحكني، وكان خفيف الرُّوح ، ثم توفي في بقية ليلته ، وكان أشهدني عليه بالتوبة من جميع ما يُسْخط اللَّه ﷿، وأنَّه عازم على ترك الشهود أيضًا ، صُلِّي عليه ظهر يوم الإثنين، ودُفن بمقابر باب الصغير عند أبويه .

وفي يوم الجمعة ثاني عشري شهر رجب خطب القاضي عماد الدين بن العز الحنفي بجامع تَنْكِز خارج باب النصر عن نزول الشيخ نجم الدين علي بن داود القَحْفَازي (٥) له عن ذلك، وأيضًا نائب السلطنة الأمير سيف الدين طُقُزْدَمِر وحضوره عنده في الجامع المذكور يومئذ (٦).

وفي يوم الجمعة تاسع عشري رجب توفي القاضي الإمام العالم جلال الدين أبو العباس أحمد بن (٧)


(١) هو: أحمد بن موسى الزُّرَعي الشيخ الصالح مات سنة (٧٦١) هـ الدرر الكامنة (١/ ٣٢٤).
(٢) في ط: بلو وهو تحريف. وهو بلك الجمدار الناصري. الدليل الشافي (١/ ١٩٩).
(٣) في ط: تقطم وهو تحريف. وهو طُقْتَمُر الخليلي صاحب المدرسة الخليليّة بدمشق. الذيل ص (٢٥١). وسيأتي في وفيات سنة (٧٤٦) هـ.
(٤) ترجمته في الوفيات لابن رافع (١/ ٤٩٠) وفيه وفاته: ليلة الإثنين سادس عشر جمادى، والدرر الكامنة (٣/ ٤٤٩) وفيه: محمد بن سليمان بن عبد اللَّه بن سليمان الجعفري وفي الهامش الجعبري.
(٥) في ط: القفجاري وهو تحريف. وسيأتي عما قريب.
(٦) الدارس (١/ ٥٤٨).
(٧) ترجمته في الذيل ص (٢٤٤) وفيه: أبو المفاخر، والوفيات لابن رافع (١/ ٤٩٢) وفيه: أبو العباس، والدرر =

<<  <  ج: ص:  >  >>