للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو يعلى الموصلي: حدَّثنا جَرَّاح بن مَخْلد (١)، حدّثنا عمر بن يونس (٢)، حدّثنا عيسى بن عون، حدّثنا عبد الملك بن زرارة، عن أنس قال: قال رسول الله : "ما أنعَمَ اللهُ على عبدٍ نِعمةً من أهْلٍ أو مالٍ أو ولدٍ فَيقُولُ: ما شاءَ اللهُ لا قوةَ إلا بالله، فيرى فيه آفة دون الموت" (٣). وكان يتأول هذه الآية ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ قال الحافظ أبو الفتح الأزدي: عيسى بن عون عن عبد الملك بن زُرارة عن أنس لا يصح.

ثمّ قال المؤمن للكافر: ﴿فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ﴾ أي: في الدار الآخرة ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ﴾. قال ابن عباس، والضحّاك، وقتادة: أي: عذاباً من السماء (٤). والظاهر أنه المطر المزعج الباهِر الذي يَقْتَلِعُ زروعها وأشجارها ﴿فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ وهو الترابُ الأملس الذي لا نبات فيه (٥) ﴿أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا﴾ وهو ضد المَعِين السارح ﴿فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا﴾ يعني فلا تقدر على استرجاعه.

قال الله تعالى: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ أي: جاءه أمرٌ أحاط بجميع حواصله وخَرَّب جنته ودمرَّها ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾ أي: خربت بالكُلّية فلا عودَة لها، وذلك ضد ما كان عليه أَمَّل حيث قال (٦): ﴿مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾ وندم على ما كان سلف منه من القول الذي كفر بسببه باللّه العظيم فهو يقول: وَيَقُولُ ﴿يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾.

قال الله تعالى: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (٤٣) هُنَالِكَ﴾ أي: لم يكن أحد يتدارك ما فرط من أمره، وما كان له قدرة في نفسه على شيءٍ من ذلك، كما قال تعالى: ﴿فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ [الطارق: ١٠] وقوله: ﴿الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ﴾. ومنهم من يبتدئ بقوله: ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ﴾ وهو حَسَنٌ أيضاً لقوله ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)[الفرقان: ٢٦] فالحكم الذي لا يُرَدُّ


(١) الجراح بن مخلد العجلي، ثقة، من الطبقة العاشرة، توفي نحو سنة (٢٠٥ هـ). تقريب التهذيب (١/ ١٢٦).
(٢) في ط: عمرو بن يوسف. وفي أ: عمر بن يوسف. وأثبت ما في ب، وهو موافق لما في تفسير المؤلف (٣/ ٨٤)، وعمر بن يونس اليمامي، من الطبقة التاسعة، وهو ثقة، توفي بعيد المئتين، قيل سنة (٢٠٦ هـ).
سير أعلام النبلاء (٩/ ٤٢٢)، وتقريب التهذيب (٢/ ٦٤). ولعله التبس بعمرو بن يوسف مولى عثمان بن عفان . الجرح والتعديل (٦/ ٢٦٩).
(٣) رواه أبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان، من حديث أنس، وفيه ضعف.
(٤) تفسير الطبري (١٠/ ١٦٣).
(٥) وقيل غير ذلك. تفسير الطبري (١٥/ ١٦٣).
(٦) في ب: ما كان أمل منها حيث …