للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحدث في الجامع الأموي وجامع تَنْكز، وكان مجلسه كثير الجمع لصلاحه وحسن ما كان يؤديه من المواعيد النافعة، ودفن بسفح قاسيون، وكانت جنازته حافلة .

وعملت المواعيد بالجامع الأموي ليلة سجع وعشرين من رجب يقولون ليلة المعراج، ولم يجتمع الناس فيه على العادة لكثرة من مات منهم، ولشغل كثير من الناس بمرضاهم وموتاهم، واتفق في هذه الليلة أنه تأخر جماعة من الناس في الخيم ظاهر البلد، فجاؤوا ليدخلوا من باب النصر على عادتهم في ذلك، فكأنه اجتمع خلق منهم بين البابين فهلك كثير منهم كنحو ما يهلك الناس في هذا الحين على الجنائز، فانزعج نائب السلطنة فخرج فوجدهم فأمر بجمعهم، فلما أصبح الناس أمر بتسميرهم ثم عفا عنهم، وضُرب متولِّي البلد ضربًا شديدًا، وسُمّر نائبه في الليل، وسُمّر البواب بباب النصر، وأمر أن لا يمشي أحد بعد عشاء الآخرة، ثم تسمَّح لهم في ذلك.

واستهلّ شهر شعبان والفناء في الناس كثير جدًا، وربما أنتنت البلد، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون.

وتوفي الشيخ شمس الدين (١) بن الصَّلاح مدرِّسُ القَيْمريّة الكبيرة بالمطرزيين، يوم الخميس ثالث عشر شعبان.

وفي يوم الجمعة رابع عشر شعبان صُلِّي بعد الصلاة على جماعة كثيرة، منهم القاضي عماد الدين بن الشِّيرازي (٢). محتسب البلد، وكان من أكابر رؤساء دمشق، وولي نظر الجامع مدة، وفي بعض الأوقات نظر الأوقاف، وجمع له في وقت بينهما، ودفن بسفح قاسيون.

وفي العشر الأخير من شهر شوال توفي الأمير قَرَابُغَا (٣) دوادار النائب (٤)، بداره غربي حكر السماق، وقد أنشأ له إلى جانبها تربة ومسجدًا، وهو الذي أنشأ السُّويَقة المجدَّدة عند داره، وعمل لها بابين شرقيًا وغربيًا، وضمِّنت بقيمة كثيرة بسبب جاهه، ثم بارت وهجرت لقلة الحاجة إليها، وحضر الأمراء والقضاة والأكابر جنازته، ودفن بتربته هناك، وترك أموالًا جزيلة وحواصل كثيرة جدًا، أخذه مخدومه نائبُ السَّلطنة.


(١) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٢٧٢) وفيه: محمد بن الصلاح. والوفيات لابن رافع: (٢/ ٩٣) وفيه: شمس الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمود بن علي بن عاصم الشَّهْرُزُوري الدمشقي الشافعي. والدارس (١/ ٤٤١)، وقد نقل نصّ الحسيني.
(٢) ترجمته في: الذيل للحسيني ص (٢٧٤) وفيه: عماد الدين محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن هبة اللَّه بن محمد بن يحيى، أبو المعالي بن الشيرازي الدمشقي. والوفيات لابن رافع (٢/ ٩٤ - ٩٥) وفيه: بن جميل بدلًا من يحيى. والدرر الكامنة (٣/ ٣٦٥) والدارس (٢/ ٧٤).
(٣) ترجمته في الدرر الكامنة (٣/ ٢٤٤).
(٤) يعني: أرغون شاه. نائب دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>