للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقع مطرٌ شديد قبل أيام، فتلف منه غلاتٌ كثيرة بحَوْران وغيرها، ومساطيح (١) وغير ذلك، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون.

وفي ليلة الأربعاء السابع والعشرين منه بعد عشاء الآخرة قبل دقة القلعة دخل فارس من ناحية باب الفرج إلى ناحية باب القلعة الجوانية، ومن ناحية الباب المذكور سلسلة، ومن ناحية باب النصر أخرى جددتا لئلا يمر راكب على باب القلعة المنصورة، فساق هذا الفارس المذكور على السلسلة الواحدة فقطعها، ثم مر على الأخرى فقطعها وخرج من باب النصر ولم يعرف لأنه ملثَّم.

وفي حادي عشرَ صفر وقبله بيوم قدم البريد من الديار المصرية بطلب الأمير سيف الدين زبالة أحد أمراء الألوف إلى الديار المصرية مكرَّمًا، وقد كان عزل عن نيابة القلعة بسبب ما تقدم، وجاء البريد أيضًا ومعه التواقيع التي كانت بأيدي ناس كثير، زيادات على الجامع، رُدَّت إليهم وأُقرُّوا على ما بأيديهم من ذلك، وكان ناظر الجامع الصاحب تقي الدين بن مراجل قد سعى برفع ما زيد بعد التذكرة التي كانت في أيام صَرْغَتْمُش، فلم يف ذلك.

وتوجَّه الشيخ بهاء الدين بن السبكي قاضي قضاة الشام الشافعي من دمشق إلى الديار المصرية يوم الأحد سادسَ عشرَ صفر من هذه السنة، وخرج القضاة والأعيان لتوديعه، وقد كان أخبرنا عند توديعه بأن أخاه قاضي القضاة تاج الدين قد لبس خلعة القضاء بالديار المصرية، وهو متوجه إلى الشَّام عند وصوله إلى ديار مصر، وذكر لنا أن أخاه كاره للشَّام. وأنشدني القاضي صلاح الدّين الصَّفدي ليلة الجمعة رابع عشره لنفسه فيما عكس عن المتنبي في يديه من قصيدته وهو قوله:

إذا اعتاد الفتى خوضَ المنايا … فأيسرُ ما يمرُّ به الوحولُ (٢)

وقال:

دخولُ دمشقَ يُكسبُنا نُحُولًا … كأنَّ لها دخولًا في البَرَايا

إذا اعتادَ الغريبُ الخوض فيها … فأيسرُ ما يمرُّ بهِ المنايا

وهذا شعر قوي، وعكس جليّ، لفظًا ومعنًى (٣).

وفي ليلة الجمعة الحادي والعشرين من صفر عملت خيمة حافلة بالمارستان الدقاقي جوار الجامع، بسبب تكامل تجديده قريب السقف مبنيًا باللَّبِن، حتى قناطره الأربع بالحجارة البلق، وجعل في أعاليه


(١) في ط: مشاطيخ وهو تحريف.
والمساطيح: ج مِسْطح وهو مكان بسط التمر وغيره للتجفيف واللُّغة فيه: مساطح.
(٢) في ط: الوصول بالصاد وهو تحريف. والبيت من قصيدة يمدح بها المتنبي سيف الدولة وقد عزم على الرحيل عن أنطاكية. وهي في ديوانه (٣/ ٥) بشرح العُكْبَري.
(٣) نقله السخاوي في الذيل التام (١/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>