للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ علي (١) المراوحي خادم الشيخ أسد المراوحي البغدادي، وكان فيه مروءة كثيرة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدخل على النواب ويرسل إلى الولاة فتقبل رسالته، وله قبول عند الناس، وفيه بر وصدقة وإحسان إلى المحاويج (٢)، وبيده مال جيد يتَّجر له فيه، تعلَّل مدة طويلة ثم كانت وفاته في هذا اليوم فصلِّيَ عليه الظهر بالجامع، ثم حُمل إلى سفح قاسيون .

وفي صبيحة يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شعبان قدم الأمير سيف الدين بَيْدَمُر الذي كان نائب الشام فنزل بداره عند مئذنة فيروز، وذهب الناس للسّلام عليه بعد ما سلَّم على نائب السلطنة بدار السعادة، وقد رُسم له بطبلخانتين وتقدمة ألف وولاية الولاة من غَزَّة إلى أقصى بلاد الشام، وأكرمه ملك الأمراء إكرامًا زائدًا، وفرحت العامة بذلك فرحًا شديدًا بعَوده إلى الولاية (٣).

وخُتمت "البخاريات" بالجامع الأموي وغيره في عدة أماكن من ذلك ستة مواعيد، تقرأ على الشيخ عماد الدين ابن كثير في اليوم، أولها بمسجد ابن هشام بكرةً قبل طلوع الشمس، ثم تحت النَّسر، ثم بالمدرسة النُّورية، وبعد الظهر بجامع تَنْكِز، ثم بالمدرسة العزِّيّة، ثم بالكوشك لأم الزوجة الست أسماء بنت الوزير ابن السَّلْعوس، إلى أذان العصر، ثم من بعد العصر بدار ملك الأمراء أمير علي بمحلَّة القصَّاعين إلى قريب الغروب، ويقرأ "صحيح مسلم" بمحراب الحنابلة داخل باب الزِّيادة بعد قبة النَّسر وقبل النورية، واللَّه المسؤول وهو المعين الميسِّر المسهِّل. وقد قرئ في هذه الهيئة في عدة أماكن أُخر من دور الأمراء وغيرهم، ولم يعهد مثل هذا في السنين الماضية، فلله الحمد والمنة.

وفي يوم الثلاثاء عاشر شوال توفي الشيخ نور الدين علي (٤) بن أبي الهيجاء الكَرَكي الشَّوْبَكيّ، ثم الدمشقي الشافعي، كان معنا في المقرئ والكتَّاب، وختمت أنا وهو في سنة إحدى عشرة، ونشأ في صيانة وعفاف، وقرأ على الشيخ بدر الدين بن سيحان للسبع، ولم يكمل عليه ختمة، واشتغل في "المنهاج" للنَّواوي فقرأ كثيرًا منه أو أكثره، وكان ينقل منه ويستحضر، وكان خفيف الروح، تحبُّه الناس لذلك، ويرغبون في عشرته لذلك ، وكان يستحضر المتشابه في القرآن استحضارًا حسنًا متقنًا كثير التلاوة له، حسنَ الصَّلاة يقومُ اللّيل، وقرأ عليَّ "صحيح البخاري" بمشهد ابن هشام عدَّة سنين، ومهر فيه، وكان صوته جَهْوريًا فصيح العبارة، ثم وُلّي مشيخة الحلبيّة بالجامع، وقرأ في عدة كراسي بالحائط الشمالي، وكان مقبولًا


(١) ترجمته في الدرر الكامنة (٣/ ١٤٥) وفيه: البراوحي.
(٢) يعني: المحتاجين.
(٣) الدرر الكامنة (١/ ٥١٣).
(٤) ترجمته في: الدرر الكامنة (٣/ ١٠) وفيه: علي بن إبراهيم بن أبي الهيجاء. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>