للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل

الحمد للَّه، وسلام على عباده الذين اصطفى.

وبعد: فهذا كتاب الفتن والملاحم (١) الواقعة في آخر الزمان مما أخبر به رسول اللَّه وذِكر أشراط الساعة والأمور العظام التي تكون قبل يوم القيامة، مما يجب الإيمان بها، كما أخبر بها الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى، إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى، وقد ذكرنا فيما تقدم من كتابنا هذا إخبارَه عن الغيوب الماضية، وبسطناه في بدء الخَلْق، وقصص الأنْبياء، وأيّام الناس إلى زماننا، وأتْبعنا ذلك بذكر سيرته ، وأيّامه، وذِكر شمَائِله، ودلائل نُبوته، وذكرنا فيها ما أخبر به من الغيوب التي وقعت بعده طِبْقَ إخْبارِه، كما شوهد ذلك عِيانًا قَبْل زمانِنا هذا، وقد أوردنا جملة ذلك في آخر كتاب دلائل النبوّة من سيرته وذكرنا عند كل زمان ما ورد فيه من الحديث الخاصّ به عند ذِكرنا حوادث الزمان، ووفياتِ الأعيان، كما بسطنا ذلك في كل سنة وما حدث فيها من الأمور الغريبة، وترجمنا مَن تُوفي فيها، من مشاهير الناس، من الصحابة، والخلفاء، والملوك، والوزراء، والأمراء، والفقهاء، والصلحاء، والشعراء، والنحاة، والأدباء، والمتكلِّمين ذوي الآراء، وغيرهم من النبلاء، ولو أعدنا الأحاديث المذكورة فيما تقدم لطال ذلك، ولكن نُشير إلى ذلك إشارة لطيفة، ثم نعودُ لِما قَصَدنا له هاهنا، وباللَّه المستعان.

فمن ذلك قوله لتلك المرأة التي قال لها: "ارجعي إليّ" فقالت: "أرأيتَ إنْ لم أجِدْكَ؟ " كَأنَّها تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ، قال: "إنْ لَمْ تَجِدينِي فَأْتِي أبا بَكْر". رواه البخاريّ (٢) فكان القائم بالأمر بعدَه أبو بكر، وقوله حين أراد أن يكتب للصدِّيق كتابًا بالخِلافة فتركه، لِعلْمه أن أصحابه لا يَعْدِلُون عن أبي بكر إلى غيره، لعلمهم بسابقته وأفضليته فقال: "يَأْبَى اللَّهُ والمؤمنون إلا أبا بكر" فوقع كذلك، وهو في "الصحيح" أيضًا (٣)، وقوله : "اقتدُوا بالَّلذين من بعدي: أبي بكر، وعمر". رواه أحمد، وابن ماجه والترمذيّ، وحسنه، وصححه ابنُ حِبّان وهو من رواية حُذَيفَةَ بن


(١) يعني من كتاب "البداية والنهاية".
(٢) أخرجه البخاري (٣٦٥٩) ومسلم رقم (٢٣٨٦) (١٠) وأحمد في المسند (٤/ ٨٢) من حديث جبير بن مطعم.
(٣) أخرجه مسلم رقم (٢٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>