للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إن فيهم لَخِصالًا أربعًا، إنهم لأحلم الناس عند فِتنةٍ، وأسرعُهم إفَاقةً بعد مُصِيبة، وأوشكهم كَرَّةً بعد فَرَّةٍ، وخيرهم لمسكين، ويتيم، وضعيف، وخامسة حسنة جميلة، وأمنعُهم من ظُلْم الملوك (١).

ثم قال مسلم: حدثني حرملة بن يحيى التُّجيبيّ، حدثنا عبد اللَّه بن وَهْب، حدثني أبو شُرَيح: أن عبد الكريم بن الحارث حدّثه: أن المستورد القُرَشيَّ قال: سمعت رسول اللَّه يقول: "تقوم الساعة والروم أكثرُ الناس" قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص، فقال: ما هذه الأحاديث التي تُذْكر عنك أنك تقولها عن رسول اللَّه ؟ فقال له المستورد: قلت الذي سمعتُ من رسول اللَّه . قال: فقال عمرو: لئن قلت ذلك إنّهم لأحلمُ الناس عند فِتْنةٍ، وأصبرُ الناس عند مصيبة، وخير الناس لمسَاكِينهم، وضُعَفائهم (٢).

وهذا يدلّ على أن الروم يُسْلِمُونَ في آخر الزمان، ولعلّ فتح القُسطنطينية يكون على يدي طائفةٍ منهم، كما نطق به الحديث المتقدّم أنه يغزوها سبعون ألفًا من بني إسحاق، والروم من سُلالة العِيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ، فهم أولاد عمّ بني إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق، فالروم يكونون في آخر الزمان خيرًا من بني إسرائيل، فإن الدخال يتبعُه سبعون ألفًا من يهود أصْبهان، فهم أنصار الدخال، وهؤلاء -أعني الروم- قد مُدِحُوا في هذا الحديث، فلعلهم يُسلمون على يدي المسيح ابن مريم، واللَّه أعلم.

على أنه قد وقع في بعض الروايات: "من بني إسماعيل"، وقوَّى ذلك عياضٌ، وغيره، واللَّه أعلم.

وقال إسماعيل بن أبي أُوَيس: حدثنا كَثِيرُ بن عبد اللَّه بن عمرو بن عَوْف، عن أبيه، عن جدِّه: أن رسول اللَّه قال: "ستقاتلون بني الأصفر، ويقاتلهم مَنْ بعدكم من المؤمنين أهلُ الحجَاز، حتى يفتح اللَّه عليهم القُسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير، فَينهدم حِصْنُها فيصيبون مالًا لم يُصيبوا مثله قطّ، حتى إنهم يقتسمون بالأترسة، ثم يصرخ صارخ: يا أهلَ الإسلام، المسيحُ الدجال في بلادكم، وذراريكم، فينفَضّ الناس عن المال، منهم الآخذ، ومنهم التارك، الآخذ نادم، والتارك نادم، فيقولون: من هذا الصارخ؟ ولا يعلمون من هو؟ فيقولون: ابعثوا طليعةً إلى إيلياءَ، فإن يكن المسيحُ قد خرج فسيأتُونَكُمْ بِعلمه، فيأتون، فينظرون، فلا يرون شيئًا، ويرون الناس ساكتين فيقولون: ما صرخ الصارخ إلا لنبأٍ عظيم، فاعْتَزِمُوا، ثمّ ارتضوا، فيعتزمون أن نخرج بأجمعنا إلى إيلياء، فإن يكن الدجّال خرج نُقاتلْهُ بأجمعنا، حتى يحكم اللَّهُ


(١) رواه مسلم (٢٨٩٨) (٣٥).
(٢) رواه مسلم (٢٨٩٨) (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>