للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ستُبْتَلَى فإن ابتُلِيت فلا تدل عليَّ. فكان الغلام يُبرئ الأكمه والأبرصَ وسائر الأدواء ويشفيهم الله على يديه (١) وكان جليسٌ للملك فعمي، فسمع به، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: اشفني ولك ما هاهنا أجْمَع. فقال: ما أنا أشفي أحداً، إنما يشفي الله ﷿، فإن آمنت به دعوت الله فشفاك (٢). فآمن، فدعا الله فشفاه. ثم أتى الملكَ، فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك: يا فلان من ردّ عليك بَصَرَك؟ فقال: ربي. قال: أنا. قال: لا ربي وربُّك الله. قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: نعم، ربي وربك الله. فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الغلام، فأتى به فقال: أي بني! بَلَغَ من سحرك أن تُبرئ الأكمه والأبرص، وهذه الأدواء؟! قال ما أشفي أنا أحداً (٣) إنما يشفي الله ﷿. قال: أنا. قال: لا. قال: أولك ربٌّ غيري؟ قال: ربي وربك الله. قال: فأخذه أيضاً بالعذاب، ولم يزل به حتى دَلَّ على الراهب، فأتي بالراهب (٤) فقال: ارجع عن دينك. فأبى. فوضع المنشار في مَفْرِق رأسه حتى وقع شِقَّاهُ. وقال للأعمى: ارجع عن دينك. فأبى. فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شِقَّاه. وقال للغلام: ارجع عن دينك. فأبى. فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا. وقال: إذا بلغتم ذروته (٥) فإن رجع عن دينه، وإلا فدهدهوه (٦)، فذهبوا به، فلما علوا الجبل قال: اللهم اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل فدُهدِهوا أجمعون. وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله. فبعث به مع نفر في قُرْقُوْر (٧) فقال: إذا لججتم البحر فإن رجع عن دينه، وإلا فغَرِّقوه (٨) في البحر، فلججوا به البحر، فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت، فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله. ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرُك به، فإن أنتَ فعلتَ ما اَمرك به قتلتني، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي. قال: وما هو؟ قال: تجمعُ الناسَ في صعيد واحدٍ، ثم تصلبني على جذع، وتأخذ سهماً من كنانتي، ثم قل: بسم اللّه ربّ الغلام، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، ففعل ووضع السهم في كبد القوس ثمّ رماه وقال: بسم الله ربّ الغلام، فوقع (٩) السهم في صدغه، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات، فقال الناس:


(١) قوله: الله على يديه ليس في ب، ولا في المسند.
(٢) في ط: ودعوت. شفاك.
(٣) ليست في ب.
(٤) في ط: الراهب.
(٥) في ب: ذروة الجبل.
(٦) زاد في المسند: من فوقه. والدهدهة: الدحرجة.
(٧) كذا في المسند. وهو الصواب. وفي أ، وب، وط، قرقرة. والقرقور: السفينة.
(٨) في ط: فأغرقوه.
(٩) في ب: فوضع. وهو موافق لما في المسند.