للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدّم في الأحاديث السابقة: أنّه يَقِلُّ الرجالُ، وتكْثُرُ النِّساءُ، حَتّى يكونَ لِخَمْسِينَ امرأةً القَيِّمُ الواحدُ، يَلُذْنَ به، وأنّهم يَتسَافَدُونَ في الطُّرقات، كما تتسافد البهائم. وقد أوردناها بأسانيدها، وألفاظها بما أغنى عن إعادتها، وللَّه الحمد.

وقال أحمد: حدّثنا عفان، حدّثنا حمّاد، أخبرنا ثابت، عن أنس، عن النبي ، قال: "لا تقوم الساعةُ حتى لا يُقال في الأرض: لا إله إلّا اللَّه". ورواه مُسْلم، عن زُهَير بن حَرْب، عن عفّان، به، ولفظه: "لا تقومُ الساعةُ حتى لا يقَال في الأرض: اللَّه، اللَّه" (١).

وقال الإمامُ أحمد: حدّثنا عبد الرزّاق، أخبرنا مَعْمَر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول اللَّه : "لا تقومُ الساعةُ على أحد يقولُ: اللَّه، اللَّه" ورواه مسلم عن عَبْدِ بن حُمَيْد، عن عبد الرزاق، به (٢).

وقال أحمد: حدثنا ابن أبي عديّ، عن حُمَيْد، عن أنس قال: قال رسول اللَّه : "لا تقومُ الساعةُ حتى لا يُقَالَ في الأَرْض: اللَّه، اللَّه" وهذا الإسناد ثلاثي على شرط "الصحيحين"، وإنّما رواه الترمذيّ، عن بُنْدار، عن محمد بن عبد اللَّه ابن أبي عديّ، عن حميد، عن أنس مرفوعًا، وقال: حسن، ثم رواه عن محمد بن المُثَنَّى، عن خالد بن الحارث عن حُمَيْد عن أنس موقوفًا، ثم قال: وهذا أصحّ مِنَ الأول (٣).

وفي معنى قوله : "حتى لا يقال في الأرض: اللَّه، اللَّه" قولان؛ أحدهما: أنّ معناه: أنّ أحدًا لا يُنكرُ مُنكرًا، ولا يَزْجُر أحدٌ أحدًا إذا رآهُ قَدْ تعَاطَى مُنكرًا، وعبر عن ذلك بقوله: "حتى لا يقالَ: اللَّه، اللَّه"، كما تقدّم في حديث عبد اللَّه بن عمرو: "فيبقى فِيهَا عَجَاجَةٌ لا يَعْرفُونَ مَعْرُوفًا، ولا يُنكرُونَ مُنْكرًا (٤) والقول الثاني: حتى لا يُذْكَرَ اللَّه في الأرض، ولا يُعْرَفَ اسمه فيها، وذلك عند فساد الزمان، ودَمَار نوع الإنسان، وكثرة الكفْر والفسوق والعِصْيان، يتواكلون الخير بينهم، حتى لا يقول أحد لأحد: اتق اللَّه، خف اللَّه، وهذا كما في الحديث الآخر: "لا تَقُومُ السَّاعة حتى لا يقال في الأرض: لا إله إلّا اللَّه"، وكما تقدم في الحديث الآخر أنّ الشَّيخَ الكَبِيرَ والعجوز الكبيرة يَقُولان: أَدَركْنا الناس وَهُمْ يقولون: لَا إله إلّا اللَّه (٥) ثم يَتفَاقمُ الأمْرُ وَيتزَايَدُ الحالُ، حتى يُتْرَكَ ذِكْرُ اللَّه جُملةً


(١) رواه أحمد في المسند (٣/ ٢٦٨) ومسلم رقم (١٤٨).
(٢) رواه أحمد في المسند (٣/ ١٦٢) ومعمر في "جامعه" الملحق بمصنف عبد الرزاق (٢٠٨٤٧) ومسلم (١٤٨) وعبد بن حميد في "المنتخب من مسنده" (١٢٤٧).
(٣) رواه أحمد في المسند (٣/ ١٠٧) والترمذي (٢٢٠٧).
(٤) رواه أحمد في المسند (٢/ ٢١٠) وفيه عنعنة الحسن، وقد روي مرفوعًا وموقوفًا، والأشبه وقفه.
(٥) رواه ابن ماجه (٤٠٤٩) وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>