للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَصَياصي (١) البَقَر، ثم يَأذنُ اللَّهُ لَهُمْ فَيْرفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ، وَيَضْرِبُ اللَّهُ بالصِّرَاطِ بَيْنَ ظَهْرانَيْ جَهَنَم كَقدِّ الشَّعر، أو كعقْدِ الشَّعْرِ، وكحَدِّ السَّيْف، عَلَيْهِ كَلَالِيبُ وخَطَاطِيفُ، وحسكٌ كحسك السعدان، دُونَهُ جِسْرٌ دَحْضٌ مَزَلَّةٌ، فَيمُرّونَ كَطَرْف البَصَر، أَو كَلَمْحِ البَرْقِ، أَو كَمرّ الرِّيحِ، أَوْ كَجِيَادِ الْخَيلِ، أَوْ كَجِيادِ الرِّكَابِ، أَوْ كَجِيَادِ الرِّجَالِ، فَنَاجٍ سَالِمٌ، ونَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ (٢) على وَجْهِهِ في جَهَنَّم، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الجَنَّةِ إلى الجنَّةِ، حُبسوا دونها، قالوا: مَنْ يَشْفَعُ لنَا إِلَى رَبِّنَا فَندْخُلَ الجَنَّةَ؟ فيقولون: مَنْ أَحَقّ بِذَلِك مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ، خَلَقه اللَّهُ بِيدِهِ، وَنَفَخ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قِبَلًا، فَيأْتُونَ آدمَ، فَيُطلَبُ ذَلِك إليه، فَيذْكُرُ ذَنْبًا وَيقُولُ: ما أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ، فإِنه أول رُسُلِ اللَّهِ، فَيُؤْتَى نُوحٌ، فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إلَيْهِ، فَيذْكُرُ ذَنْبًا، ويقول: ما أنا بِصَاحِب ذَلِك، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بإِبرَاهِيمَ، فيأتون إبراهيم فَيَطْلُبونَ ذَلِك إلَيْه، فَيذْكُر ذَنْبًا، ويقول: ما أنا بِصَاحِبكُمْ، ولكن عَلَيْكُمْ بِمُوسَى، فيأتون موسى فَيذْكُرُ ذَنْبًا، وَيقُول: ما أنا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عليكُمْ بِرُوحِ اللَّهِ وَكَلِمتهِ عيسَى ابْن مَرْيَم، فيأتون عيسى فيطلبون ذلك إلَيْهِ، فيقول: ما أنا بِصَاحِبِ ذَلِك، وَلَكِنْ عَلَيكُمْ بِمُحَمّدٍ " قال رسول اللَّه : "فَيأَتُونِيِ وَلي عِنْد رَبيِّ ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدنِيهِنَّ، فأَنطَلِقُ فآتي الجَنَّةَ، فاَخُذُ بَحلْقَةِ الباب، فَأَسْتَفْتِحُ، فيُفْتَحُ لِي، فأُحَيَّا، ويُرَحَّبُ بِي، فإذا دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَنَظَرْتُ إِلى رَبيِّ ﷿ خَرَرْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيأْذَنُ اللَّهُ لي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدهِ بشَيْءٍ ما أَذِنَ بِه لأَحدٍ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ يقول اللَّه لي: ارْفَعْ رأسَك يا مُحَمّد، وَاشْفَعْ تُشفَّع، وَسَلْ تُعْطَهْ، فإذا رَفَعْتُ رَأْسي قال اللَّه وهو أعلم: مَا شَأْنُكَ؟ فأقول: يا ربِّ، وَعَدْتَنِي الشَّفَاعةَ، فشَفعنِي في أهل الجَنَّةِ يَدْخُلون الجَنَّةَ، فيقول اللَّه ﷿: قَدْ شَفَّعْتُك، وَأَذِنْتُ لَهُم في دخول الجنة" فكان رسول اللَّه يقول: "والذي بعثني بالحَقّ ما أَنْتُمْ في الدُّنيَا بأَعْرَفَ بأَزْواجِكُمْ وَمساكِنكُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنّةِ بِأَزْوَاجِهِمْ وَمسَاكِنهِمْ، فَيدْخُلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً، سبعين مِمَّا يُنْشِئُ اللَّهُ، وَثِنْتَيْنِ آدَمِيَّتَيْنِ مِنْ بَنَاتِ آدَم، لَهُمَا فضْلٌ على مَنْ أَنْشأ اللَّهُ، بِعِبَادتِهما اللَّهَ في الدُّنْيَا، يَدْخُلُ على الأولى منهما في غُرْفَةٍ مِنْ ياقُوتَةٍ، على سَرِير مِنْ ذَهَب مُكَلَّلٍ باللُّؤْلُؤ، عَلَيْهِ سَبْعُونَ زَوْجًا منْ سُنْدُسٍ، وَإِسْتَبْرقٍ، وَإنَّه لَيَضَع يَدَهُ بَيْن كَتفيها، ثُمّ يَنْظُرُ إِلى يده مِنْ صَدْرِهَا مِنْ وَراءِ ثِيَابِهَا، وَجِلْدِهَا، ولَحْمِها، وَإِنّه لَينْظُرُ إِلى مُخّ ساقها كما يَنْظُر أَحَدُكُمْ إلى السِّلْكِ في قَصَبَةِ اليَاقُوتَةِ، كَبِدُه لَهَا مِرْآةٌ، وَكَبِدُهَا لَهُ مِرْآةٌ، فبَيْنمَا هُوَ عِنْدَهَا لَا يَملُّهَا وَلَا تَمَلُّه، لَا يَأْتيهَا مَرَّةً إِلَّا وَجَدَهَا عَذْرَاءَ مَا يَفْتُرُ ذَكَرُهُ، وَلا يَشْتكي قُبُلُهَا، إِلّا أَنَّهُ لَا مَنِيّ وَلا مَنِية، فَبَيْنمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ نُودِي: إِنَا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّكَ لا تَمَلُّ، وَلَا تُمَلّ، إِلّا أَنّ لَكَ أَزْواجًا غَيْرَها، فيَخْرُجُ فَيأْتِيهِنَّ وَاحِدَةً، وَاحِدَةً، كلّما جَاءَ


(١) صياصي البقر، أي قرونها واحدتها صيصِيَة. "النهاية" (٣/ ٦٧).
(٢) أي مدفوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>