للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو بكر بن أبي الدُّنيا: حدثنا فُضَيْل بن عبد الوهاب، أخبرنا هُشَيم، عن أبي بِشْر، عن سعيد بن جُبَيْر، قال: جاء العاصُ بنُ وائلٍ إلى رسول اللَّه بِعَظْمٍ حَائِلٍ (١)، ففَتَّهُ، وقال: يا محمد، أيبْعَثُ اللَّهُ هذا؟ قال: "نعم، يُمِيتُك اللَّهُ، ثُمَّ يُحْيِيكَ، ثُمَّ يُدْخِلُك نار جَهَنَّمَ" فنَزلَتْ: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)[يس] (٢).

وقال الضحاك في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى﴾ [الواقعة: ٦٢] قال: خَلْقُ آدَمَ وخَلْقُكُم ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧)[الواقعة] قال: فهلَّا تُصَدِّقون (٣)؟

وعن أبي جعفر البافر، قال: كان يقال: عجبًا لمن يكذب بالنشأة الآخرة، وهو يرى النشأة الأولى، يا عجبًا كل العجب لِمَنْ يُكَذِّبُ بالنّشر بعد الموت، وَهُو يُنشر في كل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. رواه ابن أبي الدنيا (٤).

وقال أبو العالية في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] قال: إعادته أهْوَنُ عليه من ابتدائه، وكُلٌّ عليه يسيرٌ. رواه ابن أبي الدُّنيا (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزّاق، حدّثنا مَعْمَر، عن هَمَّام بن مُنَبِّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه : "قال اللَّه تعالى: كَذَّبَنِي عَبْدِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِك، أَمّا تَكْذِيبُه إِيّايَ فَقولُه: لن يُعيدني كمَا بَدَأَني. وَأَمّا شَتْمُهُ إِيّايَ فقوله: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلدًا، وأنا الأحَدُ الصَّمَدُ الّذِي لَم يلِد ولم يولد ولم يكن له كُفُوًا أحَدٌ" وهو ثابت في "الصحيحين" (٦).

وفيهما قصة الذي عهد إلى بنيه إذا مات أن يَحْرِقُوه، ثم يَذْرُوا يوم ريح نِصْف رَمَادِهِ في البَرِّ، وَيصْفَهُ في البَحْرِ، وقال: وَاللَّهِ لَئِن قَدَرَ اللَّهُ عَلَي لَيُعَذبَنِّي عَذَابًا لَا يُعَذّبُه أحدًا مِن العَالَمِين. وذلك أنه لم يَدَّخر له عند اللَّه حَسنةً واحدةً. فلَمّا مات فَعل به بَنُوهُ ما أمرهم به، فأمر اللَّه البَرَّ، فجَمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، فإذا هو رجلٌ قائمٌ بين يدي ربِّه. فقال له: مَا حَملكَ


(١) بال رميم.
(٢) "الأهوال" (٩٠) والطبري مرسلًا، ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٢٩) من طريق هشيم به مسندًا وصححه.
(٣) "الأهوال" (٩٥).
(٤) "الأهوال" (٩٦).
(٥) "الأهوال" (٩٧).
(٦) رواه أحمد في المسند (٢/ ٣١٧) والبخاري رقم (٤٩٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>