لك، فاشفع لنا إلى رَبِّك، ألا ترى ما نحنُ فيه؟ ألا ترى ما قد بَلَغَنا؟ فيقول آدم: إنّ رَبِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يَغْضَبْ قبلَه مثلَه ولن يغضب بعده مثلَه، وإنّه نهاني عن الشجرة، فعصيْتُ، نفسي، نفسي، نفسي، [اذهبوا إلى غيري]، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح أنت أوَّلُ الرسل إلى أهل الأرض، وسمَّاك اللَّهُ عبدًا شكورًا، فاشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بَلَغنا؟ فيقول نوح: إنَّ رَبِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضبَ بعده مثله، وإنّه كانت لي دَعْوةٌ على قومي، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم، فيقولون: يا إبراهيمُ، أنت نبىّ اللَّه وخليله من أهل الأرض، [اشفع لنا إلى ربك] ألا ترى ما نحنُ فيه؟ ألا ترى ما قد بَلَغَنَا؟ فيقول: إنَّ رَبِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يَغْضبْ قبله مثلهُ ولن يغضبَ بعده مثله، وذكر كَذَباتِه، نفسي، نفسي، نفسي [اذهبوا إلى غيري]، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى، أنت رسول اللَّه، اصطفاك اللَّه برسالاته وبتكْلِيمه على الناس، اشفع لنا إلى ربِّكَ، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بَلَغنا؟ فيقول لهم موسى: إنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثلَه، ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلتُ نفسًا لم أُومَرْ بقتْلِها، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى، أنت رسولُ اللَّه، وكَلِمَتُهُ ألقاها إلى مَرْيم ورُوحٌ منْه" قال: هكذا هو "وكلّمتَ الناس في المهد، فاشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلَغَنا؟ فيقول لهم عيسى: إنّ ربِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبلَه مثله، ولن يغضبَ بعده مثله -ولم يذكر ذنبًا- اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد. فيأتوني، فيقولون: يا محمد، أنت رسول اللَّه، وخاتمُ الأنبياء، وقد غَفر اللَّهُ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخّر، فاشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بَلَغنا؟ فأقوم فآتي تحتَ العرش، فأقَعُ ساجدًا لربِّي ﷿، ثم يَفْتحُ اللَّهُ عليَّ ويُلْهِمُني من مَحامِدِه، وحُسْن الثناء عليه ما لم يَفْتَحهُ على أحدٍ قبلي، فيقال: يا محمد، ارفع رأسَك، وسَلْ تُعْطَهْ، واشفع تَشفّعْ، فأقول: ربِّ أمَّتي أمَّتي، يا ربِّ أمَّتي أمَّتي، يا رب أمَّتي أمَّتي، فيقال: يا محمد، أدْخِلْ من أُمَّتِكَ منْ لا حساب عليه من الباب الأيْمن من أبواب الجنَّة، وهم شُركاءُ الناس فيما سِوَاه من الأبواب" ثم قال: "والذي نفس محمد بيده لَما بَيْن مِصْرَاعَيْنِ من مصاريع الجَنَّة لكما بين مكة، وهَجَر، أو كما بَيْنَ مكَّة وبُصْرى" أخرجاه في "الصحيحين" من حديث أبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان، به (١).
ورواه أبو بكر بن أبي الدُّنيا في "الأهوال" عن أبي خَيثَمَة، عن جَرير عن عُمَارَةَ بن القَعْقَاع، عن
(١) رواه أحمد في المسند (٢/ ٤٣٥) والبخاري رقم (٤٧١٢) ومسلم رقم (١٩٤).