للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أملك لك شيئًا، قد أبلَغْتُك. [لا أُلْفين أحدكم يَجيءُ يَوْم القيامة على رَقبته رفاع تخفِق، فيقول: يا رسول اللَّه أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك]. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صَامتٌ (١)، فيقول: يا رسول اللَّه، أغِثْني، فأقول: لا أملك لك شيئًا فد أبْلَغتكَ". وأخرجاه في "الصحيحين" من حديث أبي حيَّان، واسمه يحيى بن سعيد بن حيَّان التَّيْميّ، به (٢).

وتقدَّم في حديث أبي هريرة: "ما مِنْ صاحب إبل لا يُؤدّي زَكاتَها إِلَّا بُطِحَ لها يوم القيامة بِقاعٍ قَرْقَرٍ، فَتَطَؤُهُ بأخْفافِهَا، كلَّما مرَّت عليه أُخْراها رُدَّتْ عليه أُولاها. . . " وذكَرَ تمام الحديث في البقر، والغنم (٣). فهذه الأحاديثُ مع الآيات فيها دلالة على حَشْر الْحَيواناتِ كُلّها.

وتقدَّم في حديث الصُّور: [فيقضي اللَّه تعالى بين خلقه إلّا الثَّقَلَيْن، الإنسِ، والجِنّ] فيقضي بين البهائم والوحوش، حتَّى إنَّه ليُقيدُ الْجَمَّاءَ من ذات القرن، حتَّى إذا فرغ اللِّه من ذلك، فلم يبق لواحدة تَبعَةٌ عند أخرى، قال لها اللَّه: كوني تُرابًا، فعند ذلك يقول ﴿الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (٤٠)[النبأ].

وقد قال ابن أبي الدنيا: حدَّثنا هارون بن عبد اللَّه، أنبأنا سيَّار، أنبأنا جعفر بنُ سليمان: سمعت أبا عِمْرَانَ الْجَوْني يقول: حُدِّثْتُ أن البهائمَ إذا رأت بني آدم يوم القيامة وقد تَصَدّعُوا من بينِ يدي اللَّه ﷿، صِنْفًا إلى الجنَّةِ، وصِنْفًا إلى النار؛ أنَّ البهائم تُناديهم: الْحَمْدُ للَّه يا بني آدم، الذي لم يَجْعلنا اليوم مِثْلَكُمْ، فلا جَنَّةَ نرجُو، ولا عِقابَ نخافُ (٤).

وذكر القرطبيّ عن أبي القاسم القُشَيْريّ في "شرح الأسماء الْحُسْنى" عند قوله: المُقْسطُ الجامِعُ، قال: وفي خبر: أن الوحوش، والبهائم، تُحْشرُ يوم القيامة فتَسْجُد للَّه سجدة فتقول الملائكة: ليس هذا يوم سجود، هذا يوم الثواب والعقاب، فتقول البهائم: هذا سجود شكر للَّه، حيث لم يجعلنا اللَّهُ من بني آدم، قال: ويقال: إنَّ الملائكةَ تقول للبهائم: إنّ اللَّه لم يحشركم لثوابٍ ولا لعقابٍ، وإنّما حشركم لتَشْهَدُوا فضَاِئحَ بني آدم.

وحكى القرطبي أنَّ البهائم إذا حُوسِبَتْ وحُشِرْت تعود ثُرابًا، ثم يَحْثي بها اللَّه في وجوه فَجَرَةِ بني آدم، قال: وذلك قوله ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾ [عبس: ٤٠].

واللَّه سبحانه أعلم، وفيما ذكره نظر.


(١) هو الذهب والفضة.
(٢) رواه أحمد في المسند (٢/ ٤٢٦) والبخاري رقم (٣٠٧٣) ومسلم (١٨٣١).
(٣) رواه أحمد في المسند (٢/ ٢٦٢) ومسلم (٦٨٧).
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في الأهوال (٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>