للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَنا، فيُقالُ [لهم]: اذْهبُوا فمنْ وَجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينارٍ منْ إيمانٍ فَأخْرِجُوهُ منَ النَّارِ، ثمَّ يَقُولُ: [نِصفَ دينار]، ثُمَّ يَقُولُ: مِثْقالَ ذَرَّةٍ منْ إيمانٍ فَأخْرِجُوهُ منَ النَّار" قالَ أبو سَعيدٍ: اقْرَؤوا إنْ شِئتُمْ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠]، قال: "فيقولُ الله تعالى: شَفَعَتِ المَلائكةُ، وَشَفَع النَّبيُّونَ، وَشَفعَ المُؤْمنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحمينَ، فَيَقْبضُ قَبْضةً منَ النَّارِ فيُخْرِجُ منْها قَوْمًا لمْ يَعْملُوا خيْرًا قطُّ، قدْ عادُوا حُممًا، فَيُلْقيهمْ في نَهْرٍ في أفْواهِ الجنَةِ، يُقالُ لهُ: نَهْرُ الْحَيَاةِ، فيَخْرُجُونَ كما تَخْرُجُ الْحِبَّة في حَميل السَّيْلِ، فيَخْرُجُونَ كاللُّؤلُؤِ في رِقَابِهمُ الْخَوَاتيمُ يَعْرِفُهُمْ أهْلُ الْجَنَّةِ. فيقولون: هَؤُلاءِ عُتقاءُ اللهِ أدْخَلَهُمُ الله الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَملٍ عَمِلُوه، ولا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، ثمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الْجنَّةَ، فمَا رَأيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فيَقُولُونَ: رَبَّنا أعْطَيْتَنا مَا لَمْ تعْطِ أحْدًا منَ العَالَمينَ، فيقال لهم: عِنْدي لكم أفْضلُ منْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: رَبَّنا أيُّ شَيء أفْضلُ منْ هَذَا؟ فيقُولُ: رِضايَ فَلا أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبدًا" (١).

وفي حديث إسماعيلَ بن رَافِعٍ، [عن محمد بن يزيد بن أبي زياد]، عنْ مُحمّد بن كَعْبٍ، عن رَجُلٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ بعد ذكر دُخولِ أهْلِ الْجنَّةِ الجَنَّةَ: فأقول: يا رَبِّ شَفِّعْني في منْ وَقَعَ في النَّارِ منْ أُمَّتي، فيقول: نَعَمْ، أخْرِجُوا منَ النَّارِ منْ كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ دينار (٢) منْ إيمانٍ، منْ كان في قَلْبهِ ثُلُثا دِينارٍ، نِصفُ دينارٍ، ثلثُ دينار، رُبُعُ دينارٍ، حتَّى بَلَغَ قِيراطَيْنِ، أخْرِجُوا منْ لَمْ يَعْملْ خَيْرًا قطُّ" قال: "ثُمَّ يُؤْذَنُ في الشَّفَاعةِ، فَلا يَبْقَى أحد إلَّا شَفَعَ، إلّا اللعَّان فإنّهُ لا يَشْفعُ، حتَّى إنَّ إبْليسَ لَيَتطاولُ يَوْمئذٍ في النّارِ رَجَاءَ أن يُشفَعَ لهُ ممَّا يَرَى منْ رَحْمةِ اللهِ تعالى، حتَّى إذا لَمْ يَبْقَ أحدٌ إلَّا شَفَعَ" قال: "فيقول الله تعالى: بَقِيتُ أنا وأنَا أرْحمُ الرَّاحمينَ، فيُخْرجُ منْهَا ما لا يُحْصي عِدَّتَهُمْ غَيْرهُ سبحانه، كأنَهُمُ الْخُشُبُ الْمُحْتَرِقَةُ، فَيُطْرحُونَ على شَطِّ نَهْر على بَابِ الْجَنَّةِ، يُقالُ لَهُ: الْحَيْوان، فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَميلِ السَّيْلِ". رواه ابن أبي الدنيا (٣).

وقد قال الحافظُ أبو يَعْلى الموصلي: حدّثنا العبَّاسُ بنُ الوَليد النَّرْسي، حدّثنا يُوسفُ بنُ خَالِدٍ هوَ السَّمتي (٤)، عنِ الأعْمشِ، عن أنسٍ: أنَّ رسولَ الله قال: "يُعْرضُ أهْلُ النَّارِ صُفُوفًا فيَمُرُّ بهمُ المُؤْمنُونَ، فَيَرى الرَّجُلُ منْ أهْلِ النَّارِ الرَّجُلَ منَ الْمُؤْمنينَ قَدْ عَرَفهُ في الدُّنْيا (٥) فيَقُولُ: يا فُلانُ، أمَا تَذْكُرُ يَوْمَ استسقيتني فسقيتك، ويقول الآخر لآخر: يا فلان أما تذكر يوم اسْتَعنتني على حَاجةِ كذا وكذا


(١) رواه البخاري رقم (٧٤٣٩) ومسلم (١٨٣) (٣٠٢) كلاهما بنحوه، وأحمد في المسند (٣/ ٩٤).
(٢) في (آ): ذرة.
(٣) وإسناده ضعيف، وهو قطعة من حديث الصور المتقدم.
(٤) في (آ): السمين.
(٥) في (آ): فيرى الرجل من أهل النار من أهل الجنة من المؤمنين قد كان يعرفه في الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>