للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدْ رَوى أبُو نُعَيْم في "صِفةِ الْجنَّةِ" منْ طَريقِ عَلْقمةَ بنِ مرثد (١)، عن يَحْيى بن إسْحاقَ، عنْ عَطاء بن يَسارٍ، عنْ أبي هُرَيرة، عن النبيِّ ، قال: "وَالفِرْدوس أعْلاهَا سُمُوًّا، وأوْسعُها مَحلًّا، وفيها تَفَجَّرُ أنْهارُ الْجنَّةِ، وَعَلَيْها يوضعُ العَرشُ يومَ القيَامة" فقَامَ إليْهِ رَجُلٌ، فقالَ: يا رسولَ الله، إنِّي حُبِّبَ إليَّ الْخَيْلُ، فهلْ في الْجنَّةِ خَيْل؟ قالَ: "إي والَّذي نَفْسي بيَدهِ، إنَّ في الجنَّةِ لَخيلًا، وإبلًا هَفَّافَة (٢)، تَزِفُّ بَين خِلَالِ وَرَقِ الْجنَّةِ، يَتزَاورُونَ عَليْها حيْث شاؤوا" (٣).

وقال الترمذي: حدّثنا محمدُ بن إسماعيل بن سَمُرَة الأحمسيُّ، حدّثنا أبو مُعاويةَ، عنْ وَاصِلِ بن السَّائبِ، عنْ أبي سَوْرَةَ، عنْ أبي أيُّوبَ، قال: أتَى النبيَّ أعْرابيٌّ، فقالَ: يا رسولَ الله إنِّي أُحبُّ الْخَيْلَ، أفي الْجنَّةِ خَيْلٌ؟ قال رسولُ اللهِ : "إنْ أُدْخلتَ الْجنَّة أُتيتَ بفَرَس منْ ياقُوتةٍ لهُ جَنَاحانِ، فحُملتَ عَليهِ، ثمَّ طَارَ بكَ حَيْثُ شِئتَ". ثم ضعّف الترمذيُّ هذا الإسناد من جهة أبي سَوْرةَ ابن أخي أبي أيوب، فإنَّهُ قدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ واحِدٍ، واسْتَنْكرَ البُخاريّ حديثه هذا، والله أعلم (٤).

وقال القُرطُبيُّ: وذَكَر ابنُ وَهبٍ: حدّثنا ابن زيدٍ، قال الْحَسَنُ البَصريّ: يُذْكَرُ عَنْ رسولِ الله : "إنَّ أدْنى أهْلِ الْجنّةِ مَنزلةً الذي يركبُ في ألفِ ألف منْ خَدَمهِ من الْوِلْدَانِ المُخَلَّدِينَ، على خَيْل منْ يَاقوتٍ أحْمَر، لهَا أجْنَحةٌ منْ ذَهبٍ" ثم قرأ: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ [الإنسان: ٢٠]. قلت: فيه انقطَاع بَيْنَ عَبْدِ الرَّحمْنِ بن زيدٍ -وَهُو ضَعيفٌ- وَبينَ الْحَسَنِ، ثمّ هُوَ مُرْسلٌ.

وروى أبو نُعيم، عنْ أبي أيُّوب مرفُوعًا: "إنَّ أهْلَ الْجنّةِ ليَتَزَاوَرُونَ على نجائب بيضٍ، كأنَّها اليَاقُوتُ، وليسَ في الْجَنّةِ منَ البهائم إلا الخَيْلُ والإبلُ" (٥).

وقال عبد الله بن الْمُبارَكَ: حدّثنا هَمَّامٌ، عنْ قتَادَة، [عن أبي أيوب]، عن عبد الله بن عَمْرو، قال: "في الْجَنّةِ عِتَاق الْخَيْلِ وكرائم النّجائب، يركبُها أهْلُها" (٦). وهذه الصيغَةُ لا تدُل على حَصْر كما دَلَّ عليْهِ رِوَايةُ أبي نُعيم في حَديث أبي أيُّوب، ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بما رواه ابن ماجهْ في "سُنَنِهِ" عنْ [عبد الله] بن عُمَر، أنَّ رسولَ الله قالَ: "الشَّاةُ منْ دَوابِّ الجَنّةِ". وهذا مُنْكرٌ أيضًا (٧).


(١) في (آ): حريث، وهو خطأ.
(٢) أي سريعة السير.
(٣) رواه أبو نعيم في "صفة الجنة" (٤٢٧).
(٤) رواه الترمذي (٢٥٤٤).
(٥) رواه أبو نعيم في "صفة الجنة" (٤٢٠) وإسناده ضعيف.
(٦) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٢٣١ - زوائد نعيم).
(٧) رواه ابن ماجه رقم (٢٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>