للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينقطع؟ قال: بل ينقطع. قال: ومن يقطعه؟ قال: نبي زكي، يأتيه الوحي، من قبل العلي. قال: وممن هذا النبي؟ قال: رجل من ولد غالب بن فِهْر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم، يومٌ (١) يُجمع فيه الأولون والآخرون، يَسعد فيه المحسنون ويشقى فيه المسيئون. قال: أحقٌّ ما تخبرني؟ قال: نعم، والشَّفقِ والغسقِ، والفلق إذا اتّسق، إن ما أنبأتك به لحق.

قال ثمّ قدم عليه شِق، فقال (٢) له كقوله لسطيح، وكتمه ما قال سطيحٌ لينظر أيتّفقان أم يختلفان. قال: نحم، رأيتَ حُمَمة، خرجت من ظُلمة، فوقعت بين روضة وأكَمة، فأكلت منها كلَّ ذاتِ نسمة. فلما قال له ذلك عرف أنهما قد اتفقا، وأن قولهما واحدٌ، إلّا أن سَطيحًا قال: وقعت بأرض تهمة، فأكلت منها كل ذات جُمْجُمة. وقال شق: وقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كلّ ذات نسمة. فقال له الملك: ما أخطأت يا شق منها شيئًا، فما عندك في تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرتين من إنسان. لينزلنَّ أرضَكُم السودان، فليغلِبُنَّ على كل طَفْلَةِ البَنان، وليملكن ما بين أَبْيَن إلى نَجران. فقال له الملك: وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائظ موجعٌ، فمتى هو كائن، أفي زماني أم بعده؟ قال: لا بل بعده بزمان. ثم يستنقذكم منهم عظيمٌ ذو شأن، ويذيقهم أشد الهوان. قال: ومن هذا العظيم الشأن؟ قال: غلام ليس بدَني ولا مُدَن (٣) يخرج عليهم (٤) من بيت ذي يَزَن. قال: أفيدوم سلطانه أم ينقطع؟ قال: بل (٥) ينقطع برسول مرسل، يأتي بالحق والعدل، بين (٦) أهل الدين والفضل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل. قال: وما يوم الفصل؟ قال: يوم يُجزَى فيه الوُلاة، يدعى فيه من السماء بدعوات، تسمع منها الأحياء والأموات، ويجمع الناس فيه للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات. قال: أحق ما تقول؟ قال: إي وربِّ السماء والأرض، وما بينهما من رفْعٍ وخفض، إن ما أنبأتك به لحقُّ (٧) ما فيه أَمْض.

قال ابن إسحاق: فوقع في نفس (٨) ربيعة بن نصر ما قالا، فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما


(١) يوم. زيادة من ط. موافقة لنص السيرة.
(٢) ليست في ب.
(٣) قال السهيلي، عن الفراهيدي: المدن: الذي جمع الضعف مع الدناءة.
(٤) ليست في ب.
(٥) في ب: لا بل.
(٦) كذا في ب، وهو موافق لما في السيرة والروض الأنف. وفي أ وط: من.
(٧) زيادة من ب وط. موافقة لنص السيرة. والأمض: الشك والريب، والباطل.
(٨) في ب: قلب.