للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ولم يزل هذا الشعر تتوارثه الأنصار ويحفظونه بينهم، وكان عند أبي أيوب الأنصاري وأرضاه.

قال السهيلي (١): وروى ابن أبي الدنيا في كتاب القبور أن قبرًا حُفر بصنعاء، فوُجد فيه امرأتان معهما (٢) لوحٌ من فضة مكتوب فيه بالذهب (٣)، وفيه: هذا قبر لَميس وحُبَّى ابنتي تُبَّع ماتتا وهما تشهدان أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (٤)، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما.

ثم صار الملك فيما بعد إلى حسان بن تُبَّان أسعد، وهو أخو اليمامة الزرقاء التي صُلبت على باب مدينة جَوّ، فسميت من يومئذ اليمامة.

قال ابن إسحاق (٥): فلما ملك ابنه حسان بن أبي كرب تبَّان أسعد سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم (٦) أرض العرب وأرض الأعاجم، حتى إذا كان (٧) ببعض أرض العراق (٨) كرهت حِمير وقبائل اليمن السير معه، وأراداو الرجعة إلى بلادهم وأهليهم، فكلّموا أخًا له يقال له: عمرو، وكان معه في جيشه، فقالوا له: اقتل أخاك حسان ونملّكك علينا، وترجع بنا إلى بلادنا. فأجابهم. فاجتمعوا (٩) على ذلك إلا ذا رُعين الحِميري فإنه نهى عَمرًا عن ذلك، فلم يقبل منه، فكتب ذو رعين رُقعة فيها هذان البيتان:

أَلا مَن يَشْتري سَهَرًا بنومٍ … سعيدٌ مَن يبيتُ قَريرَ عَيْن

فإما حِميَرٌ غدَرتْ وخانَت … فمعذرةُ الإله لِذي رُعَين (١٠)

(١١) ثمّ استودعها عمرًا. فلما قَتَل عمرٌو أخاه حسان ورجع إلى اليمن، مُنع منه النوم، وسُلّط عليه السهر، فسأل الأطباء والحُزاه (١٢) من الكهّان والعرّافين عما به، فقيل له: إنه والله ما قَتلَ رجلٌ أخاه قط


(١) الروض الأنف (١/ ٣٦). وفى ط: (وذكر).
(٢) زيادة من ط، والروض الأنف.
(٣) في ط: مكتوب بالذهب، وفيه.
(٤) زيادة من ط موافقة لنص السهيلي.
(٥) السيرة (١/ ٢٨).
(٦) زيادة من ب، وط. موافقة لنص السيرة.
(٧) في ط: كانوا. وكذلك في السيرة.
(٨) زاد في ب: قال ابن هشام: بالبحرين فيما ذكر لي بعض أهل العلم. وهو كذلك في شرح السيرة.
(٩) كذا في ب، وط. وهو موافق لنص السيرة، والذي في أ: .. وأهليهم، فاتفقوا مع أخيه عمرو على أن يقتله ويملكون عليهم، وأصفقوا على ذلك.
(١٠) تاريخ الطبري (٢/ ١١٥)، ومجمع الأمثال (١/ ٧٣). وهذه الأبيات أصبحت تضرب لمن غمط النعمة وكره العافية.
(١١) زاد في ب: كلامًا هو من تمام نص السيرة الذي تصرف به قليلًا المؤلف في نسخة أ وط.
(١٢) في ط: والحذَّاق. وهو أصوب.