للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿الْكَذِبَ﴾ ..... الآية [الحل: ١١٦]. وقال تعالى ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)[المائدة: ١٠٣].

وقد تكلّمنا على هذا كلّه مبسوطًا وبيَّنا اختلافَ السلف في تفسير (١) ذلك، فمن أراده فليأخذه من ثَمَّ. ولله الحمد والمنة.

وقال تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦)[النحل: ٥٦].

وقال تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١٣٧) وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠)[الأنعام: ١٣٦ - ١٤٠].

قال البخاري في صحيحه (٢): باب جهل العرب:

حدّثنا أبو النُّعمان، حدّثنا أبو عوانة عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: إذا سَرَّكَ أن تعلم جهلَ العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومئة في سورة الأنعام: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠)[١٤٠].

وقد ذكرنا تفسير هذه الآية وما كانوا ابتدعوه من الشرائع الباطلة الفاسدة التي ظنّها كبيرُهم عَمرو بن لُحَي قبَّحه الله مصلحةً ورحمةً بالدواب والبهائم، وهو كاذب مفترٍ في ذلك، ومع هذا الجهل والضلال اتّبعه هؤلاء الجهلةُ الطَّغَام (٣) فيه، بل قد تابعوه فيما هو أطَمَّ (٤) من ذلك وأعظم بكثير، وهو عبادة الأوثان مع الله ﷿، وبدَّلوا ما كان اللهُ بعث به إبراهيمَ خليلَه من الدين القويم والصراط المستقيم، من توحيد عبادة الله وحدَه لا شريك له، وتحريمِ الشرك، وغيّروا شعائر الحج ومعالمَ الدين بغير علم ولا برهان ولا دليل صحيحٍ ولا ضعيفٍ، واتّبعوا في ذلك مَن كان قبلهم من أمم المشركين، وشابهوا قومَ نوح،


(١) في ب: تفسيرنا.
(٢) (٦/ ٥٥٠)، في المناقب. وفيه: باب قصة زمزم وجهل العرب.
(٣) الطَّغَام: أوغاد الناس.
(٤) في ب: أطم وأعظم من ذلك بكثير. وأطَمّ: أدهى وأعجب.