للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوجمت (١) حتى قالت لي هند: مالك؟ فانتبهتُ، فقلت: إن هذا لهو الباطل، لهو أعقل من أن يقول هذا. قالت: بلى والله إنه ليقول ذلك ويؤاتى عليه، وإن له صحابة (٢) على دينه. قلت: هذا (٣) الباطل. قال: وخرجتُ. فبينا أنا أطوف بالبيت لقيته (٤) فقلت له: إن بضاعتك قد بلغتْ كذا وكذا، وكان فيها خيرٌ فأرسِلْ فخذها (٥)، ولست آخُذُ مِنكَ فيها ما آخُذُ من قومي، فأبَى عليَّ، وقال: إذن لا آخذُها. قلت: فأرسل فخذْها وأنا آخذ منك مثلَ ما آخذُ من قومي. فأرسَلَ إلى بضاعته فأخذها، وأخذتُ منه ما كنتُ آخذ من غيره. فلم أَنْشَبْ (٦) أن خرجتُ إلى اليمن، ثم قدمتُ الطائفَ فنزلتُ على أميةَ بن أبي الصلت فقلت: يا أبا عثمان، قال: ما تشاء؟ قلت: هل (٧) تذكر قول النصراني؟ فقال: أذكره قلت: فقد كان. فقال: ومن؟ قلت: محمد بن عبد الله. قال ابن عبد المطلب؟ قلت: ابن عبد المطلب. ثم قصصْتُ عليه خبرَ هند، قال: فالله يعلم، لَتَصَبَّبَ (٨) عرقًا. ثم قال: والله يا أبا سفيان لَعَلَّهُ! إنَّ صفته لهي، ولئن ظهر وأنا حَيٌّ لأنيلن (٩) من الله ﷿ في نصره عُذرًا. قال: ومضيتُ إلى اليمن فلم أنْشَب أن جاءني هنالك استهلاله، فأقبلتُ حتى نزلتُ على أمية بن أبي الصلت بالطائف، فقلت: يا أبا عثمان! قد كان من أمر الرجل ما قد بلغَكَ وسمعت. قال (١٠): قد كان لَعَمْري. قلت: فأين أنت منه يا أبا عثمان؟ فقال: والله ما كنتُ لأومن برسولٍ من غير ثقيف أبدًا. قال أبو سفيان: وأقبلتُ إلى مكةَ، فوالله ما أنا ببعيد حتى جئتُ مكةَ فوجدتُ أصحابه يُضْرَبون ويُعْقَرون، قال أبو سفيان: فجعلتُ أقول: فأين جُنْدُه من الملائكة؟! قال: فدخلني ما يدخلُ الناس من النفاسة (١١).

وقد رواه الحافظ البيهقي في كتاب "الدلائل" (١٢) من حديث إسماعيل بن طريح به، ولكن سياق الطبراني الذي أوردناه أتم وأطول. والله أعلم.


(١) في ط: فرجفت.
(٢) في ط: ليقولن ذلك ويدعوا إليه وإن له لصحابة. والمؤاتاة: حُسن المطاوعة.
(٣) في ط: هذا هو الباطل.
(٤) في ط: إذ بي قد لقيته.
(٥) في ط: من يأخذها.
(٦) في ط: قال أبو سفيان: فلم أنشب. ولم ينشب: أي ما لَبِث.
(٧) في ط: .. الصلت فقال لي يا أبا سفيان ما تشاء هل … وكذلك ثمة خلاف في ألفاظ: قال وقلت بين المطبوع، وأ، وب. لن أشير إليها.
(٨) في ط: وأخذ يتصبب.
(٩) في ط: لأطلبن. وائتلى: إذا اجتهد، أو قصّر، من الأضداد.
(١٠) في ط: وسمعته فقال.
(١١) النفاسة: الحسد. والخبر في مختصر تاريخ دمشق (٥/ ٤٣ - ٤٦)، والأغاني (٤/ ١٢٣).
(١٢) في ب: كتابه دلائل النبوة، وهو فيه (٢/ ١١٦ - ١١٧).